18 رجب 1445

31 يناير 2024

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدالله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين

اللهم كن لوليك الحجة بن الحسن صلواتك عليه وعلى آبائه في هذه الساعة وفي كل ساعة وليًا وحافظًا وقائدًا وناصرًا ودليًلا وعينًا حتى تسكنه أرضك طوعًا وتمتعه فيها طويلًا برحمتك يا أرحم الراحمين.

المقام الثاني معالجة الأخلاق المتعلقة بالقوة العاقلة

قلنا إن الأخلاق الحسنة هي عبارة عن الحد الأوسط بين الإفراط والتفريط وقلنا إن النفس لها قوى أربع:

الأولى القوى العاملة الواهمة.

الثانية القوة العاقلة.

الثالثة القوة الغضبية.

الرابعة القوة الشهوية.

من هنا يقع الكلام في طرف الإفراط والتفريط في القوى الأربع ومعرفة حد الوسط في هذه القوى الأربع، تطرق الشيخ عباس القمي ـ رحمه الله ـ في المقام الأول إلى القوة العاملة الواهمة وبين أن حدّ الاعتدال وحدّ الوساط في القوة الواهمة هو العدالة، وطرف الإفراط الظلم وطرف التفريط تمكين النفس من الظلم وتمكين الآخرين من ظلم النفس.

درس اليوم في المقام الثاني وهو القوة العاقلة حدّ الوسط هو الحكمة، طرف الإفراط الجربزة، طرف التفريط الجهل البسيط، ثم يتفرع على الجهل البسيط الذي هو طرف التفريط خمسة أمور مساوء وخمس رذائل أولها الجهل المركب.

فما هو معنى الحكمة التي هي الحد الوسط بين طرف الإفراط وهو الجربزة وطرف التفريط الذي هو الجهل البسيط؟

الحكمة هي عبارة عن القوة العاقلة في موضعها وجعل التفكير في موضعه المناسب من دون لا زيادة ولا نقيصه فهذه حكمة، وأما طرف الإفراط فهو عبارة عن الجربزة وهو عبارة عن الإفراط والإغراق والإسهاب في استخدام القوة العاقلة زيادة عن حدها حتى يقع الإنسان في التشكيك والوسوسة بحيث ينكر الكثير من الأشياء الواضحة ولربما يصل إلى السفسطة.

وما المراد بالسفسطة؟

إنكار الحقائق، مبدأ التشكيك، كل ما في الكون وهم أو خيال أو عكوس في المرايا أو ظلال.

يقول ابن سينا: إذا شخص يشكك في الأمور الواقعية عليك بكيه أو ضربه بعصاك، فإذا قال: آخ، قل له: لماذا تقول آخ؟ فيقول: أنا أتألم ضربتني، فقل له: لا يوجد ضرب ولا يوجد ألم كل ما في وهم أو خيال أو عكوس في المرايا أو الظلال.

يوجد اتجاه فلسفي يقال لهم: اللا أدريون، كل ما تسأله، قال: لا أدري، كل ما تسأله: لا أدري.

فإذا هو من سوريا أو الشام ما بعرف ما بعرف.

هذا اتجاه تشكيكي يشكك في الحقائق يشك حتى في وجوده يشك في وجود الله في وجود الملائكة في وجود الجن في وجود الكون، هذا يقال له: شبهة في مقابل بديهة.

إذا أيها الإخوة أيها الأحبة طرف الإفراط في القوة العاقلة هو الجربزة وهي عبارة عن الإفراط والزيادة في استخدام القوة العاقلة في غير موضعها بحيث يصل إلى التشكيك وإنكار الحقائق الذي يقال له سفسطة أصلها كلمة يونانية صوفي سيت.

إذا عرفنا معنى السفسطة وعرفنا سببها يا حبيبي إذا تريد تصير أخلاقي ناجح فكن كالطبيب الناجح.

سؤال: ما هي قوة الطبيب؟

الجواب: في أمرين:

الأول في تشخيص العلة والداء.

الثاني في تشخيص الدواء.

الطبيب الماهر والحاذق الذي يشخص علة المرض سبب الألم، ومن هنا يختلف الأطباء في التشخيص.

الأمر الثاني دقة الدواء.

الآن نأتي إلى موطن بحثنا ما هو طرف الإفراط في القوة العاقلة؟

الجربزة.

سؤال: ما هو سبب الجربزة؟

الإفراط في القوة العاقلة، وجعلها في غير موضعها، وزيادة زيادتها عن حدها.

الأمر الثاني ما هو علاج الجربزة؟

إذا تقرأ الكتاب لازم بهذا التحليل..

الجواب: يوجد علاج نظري وعلاج عملي، كل العلاجات التي ستأتي في كتاب المقامات العلية وكتاب معراج السعادة للنراقي الابن وكتاب جامع السعادات لنراقي الأب دائماً يبدأ أولاً بالعلاج النظري ثانياً بالعلاج العملي.

سؤال: ما هو علاج النظري للجربزة؟

الجواب: التأمل في مساوئ الجربزة، يتفكر ويتأمل في مساوئ التشكيك وإنكار الحقائق وأثره في عدم الاستقرار على شيء لا يستقر حجر على مدر، هذا تأمل هذا من جهة نظرية من جهة فكرية.

العلاج الثاني العلاج العملي وهو أن يتأمل في سيرة الصالحين والعقلاء الذين أطبق العقلاء والصالحون على حسن سيرتهم ويروض نفسه على الجري على وفق سيرتهم.

مثال ذلك: صاحب الكرامات العظيمة السيد رضا الدين ابن طاووس ـ أعلى الله في الخلد مقامه ـ صاحب كتاب إقبال الأعمال، السيد ابن طاووس من بين علماء الشيعة كل علماء الشيعة أجمعوا عليه كلهم، عارف كبير لكن ليس بالعرفان الاصطلاحي والمصطلحات وإنما هو عالم من جهة خبير بالروايات ومتعبد ومتهجد من جهة أخرى بحيث علماء الطائفة أطبقوا على صلاحه.

فهذا الذي يشكك يتخذ السيد ابن طاووس منهجاً ويمضي على سيرة السيد ابن طاووس.

وهكذا علماء السلف الصالح كثقة الإسلام الكليني صاحب كتاب الكافي أطبقت الطائفة على ورعه وتقواه وعلمه.

إذاً يوجد حلان للجربزة حل النظر وحل عملي:

الحل النظري أن يتأمل في مساوئ الجربزة ويجتنب الجربزة.

الحل العملي أن ينظر في سيرة الصالحين ويمضي عملياً على سيرة الصالحين.

وهذا دعاء الأنبياء المشترك «وألحقني بالصالحين» الآيات والروايات تركز على الإيمان والعمل الصالح، الإيمان جانب نظري، العمل الصالح جانب عملي.

هذا تمام الكلام في طرف الإفراط وهو الجربزة، ويقع الكلام في طرف التفريط وهو الجهل البسيط، الجهل عبارة عن عدم العلم وعدم العلم حدوثا ليس عيبا بل العيب كل العيب عدم العلم بقاء، كل إنسان أول ما يولدون جاهل غير عالم ما بيعرف، فليس بعيب أنه لا يعرف، لكن العيب كل العيب أن لا يتعلم وأن يبقى على جهله، بعضهم أتعلم أنا هيك ما بدي أتغير أنا راضي عن نفسي أنا هيك هذا موجود.

العيب كل العيب في البقاء على الجهل وليس العيب أن تجهل شيئاً.

يقال: إن أحد الأساتذة كان على منبر الدرس، فسأله سائل بسؤال فقال: لا أعلام.

فقال له السائل: إذا كنت لا تعلم لم جلست على منبر العلم؟

فقال الأستاذ: ويحك!! إن من يعلم كل شيء لا مكان له، وهذا مكان من يعلم بعض الشيء، وليس مكان من يعلم كل شيء فإن من يعلم كل شيء هو الله وحده وهو لا يؤين بأين ولا يكيف بكيف.

بحثنا مو عقائدي بحث أخلاقي.

إذا أنتوا حلوين يحلوا الكلام وياكم لازم يصير البحث حلو للحلوين..

فالجهل البسيط ليس عيباً بل العيب كل العيب هو البقاء على الجهل البسيط، ومن هنا كانت الحكمة ضالة المؤمن أينما وجدها طلبها، لذلك موسى ـ عليه السلام ـ لما رأى الخضر وموسى كان كليم الله الله كلمه وكان من أنبياء أولي العزم، فلما رأى أن الخضر عنده علم خاص ما موجود عنده ببعض المغيبات، قال له موسى: هل اتبعك على أن تعلمني مما علمت رشدا؟ أتعلم هكذا.

بعض علماء لما رأيت عنده علم، قلت له: هل تسمح لي أن اقبل يدك وأن أتشرف بالتتلمذ على يدك؟

قال: شيخنا أنت أستاذنا.

قلت له: أترك عنك هذه المجاملة أنت عندك علم ما موجود عندي.

ومن هنا وجد الشيخ الأعظم الأنصاري الشيخ مرتضى الأنصاري وجد أحد تلامذته خلوق جداً فقال له: درسني الأخلاق.

قال: أنا أدرس عندك الفقه والأصول.

قال: نعم، أنا أستاذك في الفقه والأصول وأنت أستاذي في الأخلاق، لا تنافي في مو بالضرورة يكون أستاذك في كل شيء وأنت تلميذه في كل شيء رب العالمين خلق الناس وأعطاهم مواهب وقابليات فهو المعطي وهو المانع.

إن شاء الله يعطينا كل شيء ببركة النبي والوصي علي والأئمة ـ عليهم السلام ـ .

قال الشيخ عباس القمي في كتاب المقامات العلية في موجبات السعادة الأبدية:

وانصح جميع الحوزات العلمية أن يجعلوا هذا الكتاب مقرراً دراسياً في الحوزات العلمية في مرحلة المقدمات والسطوح والبكالوريوس.

«المقام الثاني في بيان معالجة الأخلاق الذميمة المتعلقة بالقوة العاقلة أحدهما في طرف الإفراط وهو الجربزة والآخر في طرف التفريط وهو الجهل البسيط، وتحتهما ـ الإفراط والتفريط ـ أنواع عديدة ونحن سنبين أولاً الجنس مع ضده الذي هو الحد الأوسط» الجنس الجربزة والجهل البسيط وضدهما الحكمة التي هي الحد الأوسط بين طرف الإفراط والتفريط، «وبعد ذلك سنشرح أنواعه إن شاء الله تعالى» هناك أنواع تترتب مثلاً على الجهل البسيط تترتب أنواع مثل الجهل المركب وخمسة أمور.

«ففي هذا المقام مبحثان:

المبحث الأول في بيان جنسي رذيلة القوة العاقلة وضدهما»، إذا ما هو المبحث الثاني ما يترتب عليهما؟ المبحث الأول بيان طرف الإفراط الجربزة وطرف التفريط الجهل البسيط، المبحث الثاني ما يترتب عليهما.

«المبحث الأول في بيان جنسي رذيلة القوة العاقلة وضدهما أما جنسي الرذيلة» يعني الإفراط والتفريط الأول الجربزة وهي طرف الإفراط يقول: «وهي باعثة للخروج عن الاعتدال في الفكر في طرف الإفراط، وموجبة لعدم وقوف الذهن في مكان ما ليس له حد بل يكون غير مطابق للواقع في إبداء الشبهات واستخراج الأمور الدقيقة وكثيراً ما ينجر في المباحث العقلية والعلوم الإلهية إلى الإلحاد والكفر وفساد العقيدة» يصير مرتد والعياذ بالله.

«بل يصل الأمر بصاحبه أحياناً إلى إنكار جميع الأشياء ونفي حقائق الأشياء مثل طائفة السفسطائية» من هم السفسطائيون؟ المنكرون للحقائق سفسطائي يعني شكاك يشك من أجل الشك يشكك في كل شيء الشكاكون في العلوم الشرعية وغيرها.

«وعلاجها بعد التأمل في قبحها» هذا العلاج الأول، ما هو العلاج الأول؟ نظري، ما هو العلاج النظري؟ التأمل في قبح وسوء الجربزة، هذا التأمل علاج نظري.

«ومعرفة أن هذه الصفة» الجربزة «المهلكة تؤدي إلى الحرمان من العلم والعمل والفيوض الكثيرة» الآن يشير إلى ماذا؟ إلى الحل الثاني الحل العملي يقول: «هو الرجوع إلى استدلالات ومعتقدات العلماء والمشهورين باستقامة السليقة» يعني فطرتهم سليمة سليقتهم مستقيمة «وليعلم بعد أن يجد جمعاً كثيراً من العلماء الأعلام ذوي السليقة السليمة وأصحاب الأفهام المستقيمة على هذه الطريقة وهو وحده يشكك بها أن ذلك لا محالة من إعوجاج سليقته فيلزم نفسه بالتكلف على طريقتهم حتى يعتاد على الثبات والاطمئنان».

أحد طلاب الحوزة كلكم تعرفونه أحد طلاب الحوزة في بداية حياته الدراسية جاء إلى الحوزة ثمانية عشر سنة سبعة عشر سنة جاءه إبليس وشكك في وجود الله، وقع في حيرة هل أنكر وجود الله وألحد؟ أم أؤمن بوجود الله؟ لم ينهض عندي دليل فتأمل في حياة سيد الشهداء أبي عبد الله الحسين، قال إذا الحسين بن علي ضحى بدمه وعائلته من أجل الله لو من أجل لا يوجد شيء موجود فأنقذه سيد الشهداء الحسين بن علي يعني رجع إلى أصحاب السليقة والفطرة السليمة الأئمة ـ عليهم السلام ـ .

قال: يعني أنت أعقل وافهم من الحسين بن علي؟! فذهب عنه الشيطان ذهبت عنه الوسوسة ليس كل من يشكك نظرياً يحتاج إلى علاج نظري أحياناً الإغراق في الأمور النظرية تخليه يرتد خاصة إذا في سن المراهقة.

ومن هنا يقول المرجع الأعلى سماحة آية الله العظمى السيد علي الحسيني السيستاني ـ حفظه الله ـ إن الناس قد آمنت بأئمتنا ـ عليهم السلام ـ ليس بمجرد علمهم وقوة استدلالهم، وإنما آمنوا بهم لحسن سيرتهم وحسن أخلاقهم.

أحياناً السليقة العملية والسيرة العملية أقوى مؤثر.

«الثاني الجهل البسيط وهو طرف التفريق وهو عبارة عن خلو النفس عن العلوم والمعرفة بجهلها هذه الصفة ليست مذمومة في البداية» يعني حدوثاً أن تكون جاهلاً، كل إنسان ولد وهو جاهل بالكثير من المعلومات لكن البقاء عليها من الرذائل في الرواية «يؤتى بالعبد يوم القيامة، فيقال له: لم لم تعمل؟ فيقول: لم اعلم! فيقال له: هلا تعلمت؟!» هي ليست حجة لم اعلم هلا تعلمت؟!

«ولكن البقاء على الجهل من الرذائل ودفعها، دفع هذه الصفة خلو النفس عن العلو لازمٌ».

الآن يا حبيبي نفس الشيء ما هو علاج الجهل البسيط؟

الجواب: علاج نظري وعلاج عملي.

ما هو العلاج النظري؟

التأمل في مساوئ الجهل لذلك قال: «والمعين على دفعها» دفع خلو النفس عن العلوم «هو التأمل في قبح الجهل وحكم العقل بأن الجاهل في الحقيقة ليس إنساناً بل هو في الواقع شبيه بالإنسان في الصورة ومساوٍ للبهائم».

(إن هم إلا كالأنعام بل أضل سبيلاً) لماذا أضل؟ لأن الأنعام والبهائم مركب من بدن وشهوة، الإنسان مركب من بدن وشهوة وعقل، إذا ما شغل عقله ما حكم عقله صار أسوأ من البهائم وأضل سبيلها، إذا في رفع الجهل البسيط ذكر العلاج النظري وهو التأمل في مساوئ الجهل.

«وضد هذين الجنسين: » أي جنسين؟

جنس الإفراط وهو الجربزة، وجنس التفريط وهو الجهل البسيط.

« هو حد الاعتدال وهي الحكمة التي هي عبارة عن العلم بحقائق الأشياء» يعني وضع القوة العاقلة في موضعها بحيث تتعرف على حقائق الأشياء وهي الحكمة «أشرف النعوت الجمالية وأفضل الأوصاف الكمالية وإثبات فضيلتها» فضيلة الحكمة «غني عن البيان».

هذا تمام الكلام في بيان حد الإفراط وهو الجربزة، وحد التفريط وهو الجهل البسيط، وحد الاعتدال للقوة العاقلة وهي الحكمة، هذا تمام الكلام في المبحث الأول.

المبحث الثاني ما يترتب على الجربزة والجهل البسيط، يعني عندنا آفتان تترتبان مباشرة على الإفراط والتفريط في القوة العاقلة، ما هي الآفات المباشرة؟

الجربزة حد إفراط والجهل البسيط تفريط.

ثم تترتب مساوئ على المساوئ ومعايب على المعايب كترتب الجهل المركب على الجهل البسيط هذا ما يبحث في المبحث الثاني يأتي عليه الكلام، وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين.

نحن في أسلوب الدرس كررنا كثيراً ربما نمللكم أنا أقدر أطوي في اليوم الواحد حتى عشر صفحات أو ثلاث صفحات إذا هذا التكرار يمللكم ويعذبكم معي وما تقدرون تتعزبون؟ قولوا.

فالكلام أنه أنا هذا أكرره حتى يرسخ بحيث ما يحتاج حتى ترجع إلى الكتاب تصير فاهم وبعد ما تصير فاهم تصير حافظ.

الدرس الزائد وسيلة تؤدي وأداة تؤدي إلى الإفراط، الإفراط هو كثرة التفكير في غير موضع التفكير، فإذا أنت أحياناً تروح تدرس كثير في شيء غير طاقتك خلاف طاقتك فهذه أداة ووسيلة تؤدي إلى كثرة التفكير زيادة عن الحد.

فحد الإفراط هو كثرة التفكير في غير موضعه، هذا كثرة التفكير أحياناً تدرس، أحياناً تقرأ شيء زيادة على فهمك، أحياناً تذهب إلى علوم غريبة وذهنك ما يتحملها هذه كلها طرق وأدوات ووسائل توقع في الإفراط، هذا يقال له: إفراطٌ لكن مو الإفراط في القوى العاقلة، الإفراط في القوة العاقلة كثرة التفكير في غير موضعه.

كلا الأمرين يعني قد يكون عنده مقدمات مو واظحة فيقع في المغالطة فيقع في الإفراط لو يصل إلى عالم خبير يوضح له أن هذه المقدمة غير صحيحة فيها مغالطة هنا سينقطع كثرة التفكير.

كثرة التفكير لها مناشئ نحن ليس كلامنا في الأسباب والمناشئ، بدك قصة يقال: إن العلامة المجلسي زوج ابنته من عالم بليد الذهن ثم تنمى ذهنه وفي ليلة الزفاف امسك هذا العالم الكتاب والزوجة تنتظر فأعرض عنها فاكتشفت أن طول إمساك الكتاب وعدم فهم المادة وكثر التفكير فيها منشأها عدم صحة القراءة فامسكت الكتاب، وقالت هذه العبارة تقرأ هكذا.

فقال الآن فهمت، ثم صار الزواج، فهو قد وقع في كثرة التفكير، ولكن منشأ وسبب كثر التفكير ماذا؟ عدم الدقة في قراءة العبارة، وليس كلامنا في المناشئ كلامنا في المسبب وهو كثرة التفكير وليس كلامنا في السبب سبب كثرة التفكير.

تريد مثال ثاني بعد خشن:

في يوم هذا مثال أدبي هم مضحك.. في زمن من الأزمنة كثرت الخناثى في مصر فكتب الوالي إلى الرئيس أما بعد فإنه كثرت الخناثى في مصر، فما العمل؟

الذي هو ليس بذكر كامل ولا أنثى كاملة بل قد يكون له الآلتان.

لذلك يقولون هناك خنثى مشكل لا يشخص أنه ذكر أو أنثى، وهناك خنثى غير مشكل يعني جانب الذكورة غالب أو جانب الأنوثة غالب، عموماً فكتب والي مصر إلى الرئيس، ما العمل؟

فكتب الرئيس أما بعد فأحصي الخنثى والسلام.

فوصل الكتاب إلى والي مصر لكن حصل تصحيف في الكتابة بحيث أضيفت نقطة أعلى الحاء فقرأها الوالي أما بعد فأخصي الخنثى والسلام فجمع الخناثى وأخصاهم.

ثم كتب إلى الرئيس أما بعد فقد فعلنا ما أمرت.

قال: وين الإحصائية؟

قال: أخصيناهم كلهم فهنا كلامنا في كثرة الإخصاء وليس في سبب كثرة الإخصاء وهو تصحيح بالنقطة فلا تذهب إلى التصحيح بالنقطة اذهب إلى الكثرة، كثرة الإخصاب بحثنا في كثرة التفكير وليس في منشأ كثرة التفكير.

ولذلك تحرير محل النزاع مهم جداً في فهم الفكرة والمطلب فكثرة الدرس وكثرة قراءة الكتب وأن يدرس شيء فوق حجمه هذه من موجبات كثرة التفكير أو دراسة ما فيه مغالطات فهذا منشأ لكثرة التفكير يعني منشأ لحد الإفراط وهو كثرة التفكير.

كثرة التفكير في موضع التفكير مثل الجرأة، الجرأة إن وضعت في موضعها فهي شجاعة، وإن وضعت في غير موضعها فهي تهور، ولذلك ورد عندنا لا تتفكروا في ذات الله، ولكن تفكروا في آثار الله كثرة التفكر في الذات الإلهية يقود إلى الإلحاد لأن هذا واجب الوجود أنت ممكن الوجود أنت من سنخ آخر، هذا غني أنت فقير كيف ممكن تدركه بالكامل؟ لا يمكن أن تدركه بالكامل ما عرفناك حتى معرفتك، أنت تتأمل في آثار الذات الإلهية في رزقه في حكمته في خلقه، تتأمل في آثار صنع الله في آثار الذات.

إذاً ليس التفكير بما هو بشكل مطلق مطلوب حتى تقول يقود إلى أمور عالية التفكير في موضع التفكير يصير حكمة.

السر في ذلك اضرب مثال لتوضيح المطلب إذا ذهبت إلى بائع العطور وأعطاك العطر الأول شممته ثم الثاني ثم الثالث بعد العطر الثالث لن تستطيع أن تميز العطور بعد ذلك صاحب العطور يعطيك قهوة تشتم القهوة حتى يرجع يتشم الطبيعي.

فهنا هذا منبه وجداني فإن من يكثر من الوسوسة والتفكير ربما يصاب كصاحب العطور، يصير تفكيره غير طبيعي فيحتاج إلى قهوة ترجع التفكير الطبيعي، ما هي القهوة؟ هنا الرجوع إلى أصحاب السليقة الطبيعية فالرجوع إلى سيرة الصالحين المطبق على صلاحهم هذا بمثابة القهوة بمثابة المنبه الوجداني الذي يرجع القوة العاقلة إلى موضعها فإذا ليس الرجوع إلى الصالحين هو هذا طريقة عقلية لا هذا يرجع القوة العاقلة إلى موضعها.

يعني القوة العاقلة صارت قوة فيها تسيب حتى ترجعها إلى موضوعها الطبيعي بحاجة إلى تنبيه.

لذلك عليكم بالقهوة الحقيقية وهي صديقة العلماء الطبيعية الذي ما فيها تكلف الدين فطري فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله، الدين فطري مو مجرد تنسك وطقوس فارغة لا الدين يوافق الفطرة.

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم إنه غفور رحيم وتواب حليم والحمد لله ربّ العالمين.