محاضرات أخلاقية في حسينية الإمام الرضا عليه السلام
شیخ الدقاق

52 - بعثة النبي تتميمٌ للأخلاق ومظهر للرحمة الإلهية

محاضرات أخلاقية في حسينية الإمام الرضا عليه السلام

  • الكتاب: محاضرات أخلاقية في حسينية الإمام الرضا عليه السلام
  • الجزء

    01

  • الصفحة  

    200

15

2024 | فبراير

26 رجب 1445

7 فبراير 2023

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدالله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين

اللهم كن لوليك الحجة بن الحسن صلواتك عليه وعلى آبائه في هذه الساعة وفي كل ساعة وليًا وحافظًا وقائدًا وناصرًا ودليًلا وعينًا حتى تسكنه أرضك طوعًا وتمتعه فيها طويلًا برحمتك يا أرحم الراحمين.

بعثة النبي تتميمٌ للأخلاق ومظهر للرحمة الإلهية

قال الله تبارك وتعالى في كتابه الكريم وخطابه بسم الله الرحمن الرحيم ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ آمنا بالله صدق الله العلي العظيم.

نبارك لكم هذه الليلة ذكرى بعثة النبي الأعظم ـ صلى الله عليه وآله ـ هذا الحدث وهو بعثة النبي أقوى حدث في التاريخ، من أعظم الأحداث في الحياة الإنسانية بعثة رسول الإنسانية أبي القاسمي محمد، الكلمة بعنوان "بعثة النبي تتميم للأخلاق ومظهر للرحمة الإلهية".

الله عزّ وجل حينما أراد أن يثني على نبيه الكريم واذا أردت أن تمجد إنساناً أو تثني على إنسان فإنك تاتي بأعظم الصفات وأهم الأمور، فما هو الأمر الذي أثنى به ربّ العزة والجلال على أعظم نبي ارسل للعباد؟

إنها الأخلاق قال تعالى واصفاً ومادحاً ومخاطباً نبيه الكريم: «وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ».

إذاً الأخلاق تحتل مكانة كبرى وأهمية عظمى في الحياة الإنسانية، إنما الأمم الأخلاق ما بقيت، فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا.

الأخلاق تمثل الثمرة إن أردنا أن نشبه الدين بشجرة، فإن هذه الشجرة لها ثلاثة أمور لا تكتمل بدونها:

الأول الجذور والعروق، وجذور الدين هي أصول الدين.

الثاني الساق والأغصان، وساق الدين وفروعه وأغصانه هي فروع الدين العشرة.

إذاً أصول الدين الخمسة تمثل جذور الدين، فروع الدين العشرة تمثل ساق الدين، ولا خير في جذر وساق لا ثمرة له فالشجرة تعرف بثمارها، ومن أهم ثمارها: الأخلاق.

لذلك قال ـ صلى الله عليه وآله ـ : «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق»، وفي رواية أخرى: «إنما بعثت بمكارم الأخلاق» لكن الرسول الأعظم ـ صلى الله عليه وآله ـ بين أصول الدين الخمسة وبين فروع الدين الخمسة وبين ما يتفرع وجسد ما يتفرع على فروع الدين العشرة وأصول الدين الخمسة، وهي: الأخلاق.

والأخلاق كثيرة الأخلاق الحسنة عديدة، ولكن أبرز وأهم صفة أخلاقية وخلقية ركز عليها القرآن الكريم عنصر الرحمة، قال تعالى: «مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ»، وقال مخاطباً نبيه الكريم: «وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ۖ فَاعْفُ عَنْهُمْ».

إذاً من أهم وأبرز صفات الأعظم ـ صلى الله عليه وآله ـ صفة الرحمة، هذه الرحمة الموجودة في القلب والتي تنعكس على القول والأفعال والتصرفات، وما أحوجنا إلى هذه الصفة في حياتنا الاجتماعية وحياتنا الإنسانية.

يا إخوة الإنسان المنغلق الذي ينغلق على المجتمعات الأخرى، على التيارات الأخرى سينغلق تلقائياً على تياره وفكره ثم سينغلق تلقائياً على نفسه ثم سيصبح صنماً يعبد من دون الله.

الإنسان الذي ملئ قلبه رحمة وعطفاً وحناناً تجده إنساناً أممياً، إنسانا واسع الصدر، إنسانا ينال الجميع من فضله ورحمته ولطفه وما أحوجنا إلى ذلك.

أحياناً نعيش القسوة، الأب يقسو على ابنه والابن يقسو على أبيه، الزوج يقسو على زوجته والزوجة تقسو على زوجها، ثم نتوسع الجار يقسو على جاره والزميل يقسو على زملائه في العمل تبتعد الأخلاق كلياً وتبتعد الرحمة كلياً ويدخل الشيطان في المسافات والفراغات بين المؤمنين.

وما أحوجنا إلى مجتمع البنيان المرصوص يشد بعضه بعضاً، عنصر الرحمة عنصر العطف والحنان إذا ساد أي مجتمع سيكون مجتمعاً قوياً، المجتمع المليء بالرحمة سيكون مجتمعاً مثالياً وقوياً فلنعمل على بث روح الرحمن داخل أسرنا داخل مساجدنا داخل مدارسنا داخل أماكن أعمالنا كلما ساد عنصر الرحمن سنتأسى بنبي الرحمة ـ صلى الله عليه وآله ـ .

من أبرز مصاديق الرحمة الإلهية نفس بعثة النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ إيوان كسرى انشق حينما ولد النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ إلى الآن إيوان كسرى موجود لا أدري هل رأيتموه أو لا؟!!

كسرى ملك الفرس كان يصيف بالمدائن في العراق إلى الآن منطقة المدائن ببغداد موجود فيها إيوان كسرى ذلك القصر الفاخر والكبير وإلى الآن الموضع الذي انشق حينما ولد النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ لا يزال موجوداً.

بعد انطفأت نيران فارس بمجيء الرحمة الإلهية، الله عزّ وجل من علينا برسول الله «لَقَدْ مَنَّ ٱللَّهُ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا» هذا مظهر من مظاهر الرحمة الإلهية.

ينبغي الاحتفاء بالمبعث النبوي الشريف في سبعة وعشرين رجب من كل عام وأن يبرز أكثر من غيره لأن هذا حدث مهم، البعض يخلط بين ذكر الإسراء والمعراج وبين المبعث النبوي الشريف، المشهور عند الشيعة الإمامية أن السابع والعشرين من شهر رجب كان مبعث النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ وليس الإسراء والمعراج. نعم، هناك القول بذلك والأكثر عند أهل السنة أن السابع والعشرين من رجب ذكرى الإسراء والمعراج لكن أكثر الشيعة الإمامية يرون أن السابع والعشرين من شهر رجب هو ذكرى بعثة النبي الأعظم والخاتم أبي القاسم محمد.

نسأل الله عزّ وجل أن يرحمنا برحمته الواسعة وأن يفرج عن أهلنا في غزة والضفة الغربية وفلسطين المحتلة وفي اليمن والعراق ولبنان وسوريا وكل مكان.

اسأل الله أن يفرج أهلنا في البحرين وعن جميع المؤمنين والمؤمنات ببركة النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين، وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين.

00:00

15

2024
| فبراير
جلسات أخرى من هذه الدورة 59 الجلسة

15

فبراير | 2024
  • الكتاب: محاضرات أخلاقية في حسينية الإمام الرضا عليه السلام
  • الجزء

    01

  • 200

    الصفحة
جلسات أخرى من هذه الدورة
59 الجلسة