26 رجب 1445

7 فبراير 2024

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدالله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين

اللهم كن لوليك الحجة بن الحسن صلواتك عليه وعلى آبائه في هذه الساعة وفي كل ساعة وليًا وحافظًا وقائدًا وناصرًا ودليًلا وعينًا حتى تسكنه أرضك طوعًا وتمتعه فيها طويلًا برحمتك يا أرحم الراحمين.

المبحث الثاني الرذائل الناشئة من الجربزة والجهل البسيط

تطرق الشيخ عباس القمي ـ رحمه الله ـ في كتابه المقامات العلية إلى المقام الثاني وهو معالجة الأخلاق الذميمة المتعلقة بالقوة العاقلة وذكر في المقام مبحثين:

المبحث الأول: بيان جنسي رذيلة القوة العاقلة، وهما: الجربزة طرف الإفراط، والجهل البسيط طرف التفريط.

المبحث الثاني: الرذائل والمساوئ التي تترتب على الجربزة التي هي الإفراط، وعلى الجهل البسيط التي هي طرف التفريط.

من الواضح أن الأخلاق هي عبارة عن الحد الأوسط والحد الوسط في القوة العاقلة هو الحكمة وحد الإفراط الجربزة أي أن لا يكون هناك حد للتفكير، طرف التفريط الجهل البسيط أي عدم العلم.

المبحث الثاني المساوئ المتفرعة على هاتين السيئتين، الرذائل على هاتين الرذيلتين الجربزة والجهل البسيط.

الشيخ عباس القمي ـ رحمه الله ـ يتطرق إلى خمس رذائل:

الأولى الجهل المركب.

الثانية الشك والحيرة.

الثالثة الشرك بالله والعياذ بالله.

الرابعة الخواطر والوساوس الشيطانية.

الخامسة المكر والحيلة.

نشرع في بيان هذه الصفات الخمس، ونبدأ بالصفة الأولى الجهل المركب، وهنا أربعة أسئلة:

السؤال الأول: ما هو معنى الجهل المركب؟

السؤال الثاني: ما هو سبب الجهل المركب؟

السؤال الثالث: كيف نعالج الجهل المركب؟

السؤال الرابع: كيف نقوي الذهن لا نقول علاج نقول للوقاية من الجهل المركب لأن الوقاية خير من العلاج.

ولنشرع في جواب هذه الأسئلة الأربعة:

السؤال الأول: ما معنى الجهل المركب؟ ولماذا سمي بهذا الاسم؟

الجواب: الجهل المركب عبارة عن جهلين:

الجهل الأول الجهل بالشيء.

الجهل الثاني الجهل بأنك تجهل الشيء.

فالمكلف لا يعلم أولاً ولا يعلم أنه لا يعلم ثانياً.

في يوم من الأيام كنا في زيارة عند الإمام الكاظم رزقنا الله وإياكم الوصول أردنا أن نصعد الباص، صاحبي قال لي: فلان عمل لنا مشكلة، قلت له: هذا مريض يحتاج إلى نصح لم لا تنصحونه؟!

قال: المريض يتقبل النصيحة إذا أيقن أنه مريض أما إذا تيقن أنه سليم وليس بمريض كيف يتقبل النصيحة؟!

فهذا مريض ويجهل أنه مريض.

إذاً الجهل المركب سمي بالجهل المركب لتركبه من جهلين:

الجهل الأول هو الجهل البسيط أن يجهل الشيء أن لا يعرف الشيء لا يعلم الشيء، طالب العلم إذا جاء يتعلم، وقال: أنا لا افهم لا اعرف أنا جاهل علمني، هذا عنده جهل بسيط.

أما إذا كان جاهل ويقول: أنا عالم أنا عارف أنا لست بجاهل هذا لا يتعلم هذا مصاب بالجهل المركب.

إذاً عرفنا كيف أن الجهل المركب يترتب على الجهل البسيط يعني يترتب على جهة التفريط لأن الجهل البسيط هو طرف التفريط في القوة العاقلة والجهل المركب يترتب على الجهل البسيط الذي هو طرف التفريط في القوة العاقلة.

إذا الجهل البسيط لا يعلم ولا يعلم أنه لا يعلم لا يعرف ولا يعرف أنه لا يعرف يجهل الشيء ويجهل أنه يجهل الشيء، لذلك الجهل المركب من أقسام الاعتقاد والجزم والقطع، لكن لا تقل اليقين لأن هو الجزم المطابق للواقع، الذي عنده جهل مركب يجزم لكن جزمة خلاف الواقع، يقطع لكن قطعه مخالف للواقع، بخلاف المتيقن المتيقن يجزم لكن جزمة مطابق للواقع.

من هنا علمنا أن الجهل المركب من أقسام الجزم ولذلك ذكره بعضهم في المنطق أنه من أقسام العلم هكذا درسنا في منطق الشيخ المظفر ـ رضوان الله عليه ـ الصحيح أنه من أقسام الجزم والاعتقاد لكنه جزم واعتقاد غير مطابق للواقع.

إلى هنا تطرقنا إلى النقطة الأولى وهي معنى الجهل المركب وأنه سمي بالجهل المركب لأنه يتركب من جهلين:

أولاً الجهل البسيط وهو الجهل بالشيء.

ثانياً الجهل بأنه يجهل بالشيء.

السؤال الثاني: ما هو سبب الجهل المركب؟

الجواب: إعوجاج الذهن والسليقة إذا واحد ذهنه معوج فيه انحراف وأحياناً ذهنه جيد لكن ذوقه وسليقة فيها إعوجاج وانحراف هذا يصاب بالجهل المركب.

السؤال الثالث: كيف تكتشف أن لديك جهل مركبة؟ أو ليس لديك جهل مركب؟

ما أكثر الأشياء التي تتيقنها وتقطع بها وتجزم بها وما يدريك أنها يقين فلربما هي جهل مركب قال تعالى في آخر سورة الكهف: ﴿قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا﴾ يعتقد أنه يحسن وفي الواقع ضل عمله وأساء.

سؤال: كيف تكتشف أن تفكيرك صحيح؟ أن سليقتك صحيحة أو سقيمة؟

الجواب: أن تعرض آرائك واستدلالاتك على جمع من الناصحين والصالحين المعروفين باستقامة والسليقة فإذا صوبوها فأنت على يقين وإذا خطؤوها فأنت مبتلى بالجهل المركب.

واضح إلى هنا هذا طريق الاكتشاف.

الآن طريق المعالجة السؤال الرابع: الوقاية والمعالجة كيف تكون؟

الجواب: قراءة العلوم الرياضية والهندسية التي تقوي الذهن والحساب حتى لا تقع في الأخطاء، قراءة ودراسة علم المنطق الرياضيات الفلسفة التي من شأنها تقوي الذهن وتوجب استقامة السلوك.

هذا تمام الكلام في الرذيلة الأولى المترتبة على رذيلتي الجربزة والجهل البسيط، واتضح أن الجهل المركب ويترتب على أيهما؟ اتضح أن الجهل المركب يترتب على الجهل البسيط.

نقرأ هذا المقدار:

«المبحث الثاني في بيان الرذائل الناشئ الجنسين المذكورين» الجربزة هذه جنس وطرف الإفراط والجهل المركب جنس طرف تفريط «التي هي من متعلقات القوة العاقلة وهي خمس صفات:

الصفة الأولى الجهل المركب، وفيها أربع نقاط: الأولى تعريف الجهل المركب»، قال: «وهو عبارة عن كون الشخص لا يعلم شيئاً ولا يعلم أنه لا يعلم» الأفضل أن يقول: يجهل الشيء ويجهل أنه يجهل الشيء.

«وهو من أسوأ الرذائل ودفعه» الجهل المركب «في غاية الصعوبة» لأنه يحتاج يتزعزع قطعه لماذا فيه صعوبة؟ لأن ما دام الشخص قاطع لا يتوجه، إذا يقطع أنه نبي أو يقطع أن أنت نبي، مستعجل الشهادة، لابد أن تزعزع مقدمات قطعه، لماذا قطع أنه نبي؟ يتوهم أن هذا وحي أنت تجي تبين له أن هذه وسوسة شيطان وليست نفحات رحمان، فإذا زعزعت مقدمات القطع انتفى القطع، لذلك معالجة الجهل المركب خاصة الشخص القطاع الذي كثير القاطع هذا صعب يحتاج تزعزع مقدمات قطعه.

السؤال الثاني: ما هو سبب الجهل المركب؟

قال: «وسببه إعوجاج السليقة والذهن».

السؤال الثالث: كيف نعرف أننا مصابون بالجهل المركب أو لا؟

الجواب: «وكيفية معرفته الجهل المركب هي أن يعرض المرء بعض آرائه واستدلالاته على جمع من الناصحين والمعروفين باستقامة الذهن والسليقة فإذا صوبوها كان بريئاً من هذا المرض وعرف أنه على صواب وإذا خطؤوه كان مبتلياً به» بالجهل المركب.

السؤال الرابع: ما هي أفضل طرق للوقاية من هذا المرض؟ الوقاية خير من العلاج.

قال: «وأفضل معالجاته قراءة العلوم الرياضية من الهندسة والحساب الموجهة لاستقامة الذهن وسلوك طريق الصلواب».

«الصفة الثانية الشك والحيرة وهي عجز النفس عن تحقيق الحق ورد الباطل في المباحث».

سؤال: الجهل المركب يترتب على الجهل البسيط، سؤال: الشك والحيرة على ماذا يترتب؟

الجواب: على الجربزة.

إذاً الجهل المركب يترتب على طرف التفريط وهو الجهل البسيط، والشك والحيرة يترتب على طرف الإفراط وهو؟ الجربزة.

وهنا أمور:

الأمر الأول: ما هو معنى الشك والحيرة؟

الأمر الثاني: ما هو منشأ وسبب الشك والحيرة؟

السؤال الثالث: ما هو علاج الشك والحيرة؟

الجواب:

أولاً الشك والحيرة عجز النفس عن إحقاق الحق وإزهاق الباطل، يلتبس عليه الحق بالباطل دائماً محتار ما يفرق بين الحق والباطل، يقع في حيرة وشك.

وهذا من متفرعات الجربزة، الجربزة أن يكون التفكير ليس له حدود مضبوطة، تفكير وتشكيك من دون حدّ، هذه الجربزة تؤدي إلى الشكوى الحيرة يعني اختلاط الحق بالباطل يقع في دوامة لا يفرق بين الحق والباطل.

النقطة الثانية: ما هو سبب الشكوى الحيرة؟

الجواب: تعارض الأدلة تعارض أدلة الحق وأدلة الباطل بحيث لا يرجح دليل الحق على الباطل ولا دليل الباطل على الحق فدائماً في حيرة.

السؤال الثالث: ما هو طريق العلاج؟

الجواب: التأمل في أدلة استحالة اجتماع النقيضين، تفرقون بين النقيضين والضدين، الضدان أمران وجوديان مثل: البياض والسواد أحدهما ضد الآخر السواد ضد البياض، بينما النقيضان أحدهما وجودي والآخر عدمي، فما هو ضد البياض؟ عدم البياض، ما هو ضد السواد؟ لا سواد.

بينما لاحظ معي جيداً: ما هو نقيض السواد؟ لا سواد، ما هو نقيض البياض؟ لا بياض، هذا بالنسبة إلى النقيضين أحدهما وجودي والآخر عدم لذلك الوجودي بينما الضدان أمران كلاهما وجودي بينهما تناف، فضد السواد البياض وضد البياض السواد.

كلامنا في النقيضين يقولون: النقيضان لا يجتمعان ولا يرتفعان، ما يصير يكون الشيء هو وجود وهو عدم ولا يصير هذا الشيء لا موجود معدوم يرتفع عنه الوجود والعدم، من هنا قيل: النقيضان لا يجتمعان ولا يرتفعان بخلاف الضدين الضدان لا يجتمعان ولكن قد يرتفعان تقول هذا هو أبيض وهو أسود لا يجتمعان لكن يمكن أن تقول ليس أبيض ولا أسود ولكنه أحمر أو أصفر ممكن.

فمن يتأمل في الضدين والمتناقضين يقوى ذهنه.

بعد الرجوع إلى أدلة أهل الصلاح وأهل الفطرة السليمة والطرق المستقيمة، نقرأ هذا المقدار:

«الصفة الثانية الشك والحيرة وهي عجز النفس عن تحقيق الحق ورد الباطل في المباحث» هذه النقطة الأولى تعريف الشك والحيرة.

النقطة الثانية منشأ الشك والحيرة، قال: «ومنشأها غالباً تعارض الأدلة» لا دائماً في الغالب تتزن وتتساوى الأدلة عنده ويحتار.

النقطة الثالثة ما هو علاج الشكوى الحيرة؟

قال: «وعلاجها التأمل في أدلة استحالة اجتماع وارتفاع النقيضين فأحد الفروض المتصورة حق البتة» يعني قطعاً «والباقي باطلٌ فليسعى وليجتهد ويستقصي الأدلة المتناسبة مع المطلوب استقصاءً تاماً» يعني استقراء تام «حتى يجزم بحقيقة أحد الطرفين الذي هو الحق وينكر الطرف الثاني وهو الباطل».

بعد يا أخي النقطة الرابعة مهمة ليس كل الأمور تدقيق عقلي أحياناً يتلوث الإنسان بالذنوب هذه الذنوب والعيوب تعمل على إعوجاج ذهنه وانحراف سليقته، لذلك ينبغي أن يواظب على الطاعات وقراءة القرآن فإن قراءة القرآن تقوي الذهن والحفظ.

قال: «والمواظبة على الطاعات والعبادات وقراءة القرآن».

بعد أمر خامس مهم جداً عن المرء لا تسأل وسل عن قرينه صاحب أهل الطاعة وأهل العقل الراجح تكن مثلهم «ومصاحبة» هذه ومصابحة هذه خطأ لفظي «ومصاحبة أهل الورع والصلحاء من أهل الإيمان».

بعد يا أخي التضرع إلى الله والتهجد مهم جداً «والتضرع والمناجاة لله الرحمن هي أقوى معين على والشكوك وتحصيل الإيقان وبالأخص لمن ليس قادراً على فهم الأدلة أو تحصيلها».

إلى هنا أخذنا صفتان، وهما: الجهل المركب والشك والحيرة، ما الذي يقابلهما؟ اليقين يقابلهما اليقين، يشترك اليقين مع الجهل المركب في الجزم، يختلف اليقين عن الشك والحيرة في عدم الجزم، يختلف اليقين عن الجهل المركب في أن اليقين قطع وجزم مطابق للواقع، والجهل المركب قطع غير مطابق للواقع.

قال: «ومقابل صفتي الرذيلة هاتين أي الجهل المركب والشك اليقين وأقل مراتبه» اليقين له مراتب: علم اليقين وعين اليقين وحق اليقين أقل مرتبة أقل مرتبة لليقين أن يكون عنده اعتقاد جازم مطابق للواقع، اعتقاد جازم وقطع يطابق الواقع.

قال: «وأقل مراتبه» مراتب اليقين «الاعتقاد الجازم الثابت المطابق للواقع ومرتبة اليقين هي أشرف المراتب وأفضل الفضائل وفي الحديث النبوي: «أن اليقين الإيمان كله» وروي عن الصادق ـ عليه السلام ـ قوله: «واعلم أن العمل الدائم القليل على أفضل عند الله من العمل الكثير على غير يقين»».

صاحب اليقين له ثلاث علامات مهمة:

أول علامة لا يلتفت إلى غير الله.

ثاني علامة دائماً في خشوع وذلة أمام الله لأنه يعتقد دائماً بحضور الله يستشعر وجود الله.

النقطة الثالثة مستجاب الدعوة ما دام دائماً مرتبط بالله مرتبط بالمجرد وكلما تجردت الروح كانت مستجابة الدعوة.

أول نقطة أن لا يلتفت إلى غير الله.

الإمام الخميني يقول: «لا يؤثر في الوجود إلا الله» إذا كان يعتقد أن الذي يؤثر هو الله فقط بعد لا يرى نفسه مؤثراً لا يرى نفسه غيره مؤثراً ما يلتفت إلى الوسائط والأسباب بل يلتفت إلى خصوص مسبب الأسباب.

قال: «ولصاحب اليقين علامات: الأولى أنه لا يلتفت في أموره لغير الله ولا يطلب مقاصده من غيره من غير الله ولا يرى نفسه أو الآخرين منشأ للأثر في أي أمر» قارون يقول: إنما أوتيته على علم هذه صفة من صفات قارون كل ما يزداد يقين الإنسان ما يعتقد أنه صار عالم بجدة، صار عالم بذكائه، صار هذا الوضع بجهوده، لا يرى نفسه شيئاً لا يرى إلا الله.

«بل يعلم أن جميع الأمور مستندة إلى ذاته المقدسة» الله عزّ وجل «وجميع الأحوال منسوبة إلى الله ويعلم أن ما هو مقدر سيصل إليه» رزقه سيصل إليه «في هذه الحال لن يكون هناك فرق في نظره بين الفقر والمرض والصحة والذلة والعزة وأمثالها لأنه في هذه الأحوال يغمض عينه عن الوسائط» ما يلتفت إلى الوسائط.

«ويرى أن الجميع يصدر من مصدر واحد وهو الحكيم المطلق والخير المطلق وهو الله عزّ وجل» هذه معلم من معالم فكر الإمام الخميني المعلم الأول يقول: «لا يؤثر في الوجود إلا الله»، الإمام الخميني يقول: «منشأ جميع الشرور أن ترى نفسك شيئاً» إذا لا ترى نفسك شيئاً والشيء هو الله فقط بعد ما تخاف ما تخاف ينقطع رزقك ما تخاف من ظالم لا لا يؤثر في الوجود إلا الله لا ترى إلا الله هذا مرتبة عظيمة.

الأثر الثاني العلامة الثانية من علامات أصحاب اليقين «أن يكون في جميع الأوقات والحالات في نهاية الذلة والمسكنة والانكسار في خدمة الربّ مشغولاً بذلك ليل نهار ويرى نفسه حاضراً دائماً في مقام شهود حضرة الحق وأنه ناظر على جميع أفعاله وأعماله».

المعلم الثاني من معالم فكر الإمام الخميني يقول: «العالم محضر الله فلا تعصوا الله في محضره» إذا أنت تعتقد الله حاضر بعد تخاف تعصيه، ما دام الله حاضر هذا عاد يحتاج إلى معاينة استشعار، إذاً دائما تستشعر حضور الله فأنت دائماً في ذلة وخشوع.

العلامة الثالثة «أن يكون مستجاب الدعوات بل صاحب كرامات لأنه بقدر ما يزداد يقين الإنسان يغلب الجانب التجردي فيه لهذا السبب تحصل لديه قوة التصرف في جميع مواد الكائنات التي هي من شأن المجردات»كل ما يتجرد الإنسان يستطيع أن يؤثر في الأمور المادية.

«ولليقين ثلاث مراتب: علم اليقين وعين اليقين وحق اليقين، وتفصيل هذه المراتب لا يسعه هذا المختصر».

أعطيكم مثال للتصوير عندنا علم اليقين وعين اليقين وحق اليقين.

إذا رأيت دخاناً من بعيد فإنك ستعلم أن هناك نار لكن هل عاينت النار؟ هل شاهدت النار؟ لم تشاهد.

لكن تعلم علم يقيني أن هناك نار هذه مرتبة علم اليقين، يعني أن تعلم بالأثر من دون أن تعاين المؤثر إذا صار عندك علم بالآثار لكن لم تعاين هذه العلوم هذا عندك علم اليقين.

المرتبة الثانية عين اليقين لو ذهبت وعاينت النار، رأيت النار، هذه مرتبة عين اليقين، مثل: الذي درس وعلم بالآثار اليقين ثم عاين هذه العلوم وامتزجت به هذا يصل إلى مرتبة ماذا؟ عين اليقين.

المرتبة الثالثة حق اليقين، إذا دخلت في النار واحتراقت، وهنا حق النار رأيت، كذلك التوحيد.

واحد يدرس علم الكلام والعقائد يجزم يجزم بوجود الله لكن من خلال العلم هذا عنده علم اليقين، في بعضهم يعاين حضور الله لما يذهب ويقاتل وكذا يعاين يرى الله عزّ وجل هذا عنده عين اليقين، وفيه واحد لما يذوب في حبّ الله بحيث يبكي شوقاً ولا يستطيع أن يتحمل هذا يصل إلى مرتبة حق اليقين.

لاحظ الحاشية يقول العلامة المجلسي ـ قدس سره ـ ذكر بعض المحققين ثلاث درجات لليقين:

ألف: علم اليقين، وهو علم يحصل عن طريق الدليل والبرهان، مثل: العلم بوجود بسبب الأثر الذي هو الدخان.

باء: عين اليقين، وهو يطلق عندما يصل علم الإنسان إلى الشهود والمشاهدة ـ يعني المعاينة ـ كمن يرى النار ويشاهدها بعد علمه بها.

جيم: حق اليقين، وهو يطلق عندما يلمس العلوم ـ يعني يعاين حقيقة العلوم ـ كمن يرى النار ويتصف بصفاتها ـ متى يتصفها بصفاتها؟ إذا أحرقته ـ بعد علمه بها ورؤيتها[1].

وهناك آراء أخرى في هذه المراتب الثلاثة[2].

هذا تمام الكلام في الصفة الثانية الشك والحيرة.

الصفة الثالثة الشرك يأتي عليها الكلام، وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين.