محاضرات أخلاقية في حسينية الإمام الرضا عليه السلام
شیخ الدقاق

53 - حبّ الله وأثره في حياة المؤمن الرسالي

محاضرات أخلاقية في حسينية الإمام الرضا عليه السلام

  • الكتاب: محاضرات أخلاقية في حسينية الإمام الرضا عليه السلام
  • الجزء

    01

  • الصفحة  

    200

28

2024 | مارس

11 شعبان 1445

21 فبراير 2023

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدالله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين

اللهم كن لوليك الحجة بن الحسن صلواتك عليه وعلى آبائه في هذه الساعة وفي كل ساعة وليًا وحافظًا وقائدًا وناصرًا ودليًلا وعينًا حتى تسكنه أرضك طوعًا وتمتعه فيها طويلًا برحمتك يا أرحم الراحمين.

حبّ الله وأثره في حياة المؤمن الرسالي

جاء في دعاء أبي حمزة الثمالي الذي يقرأ في أسحار شهر رمضان، والمروي عن سيدنا ومولانا الإمام علي بن الحسين زين العابدين أنه قال: «اللّهُمَّ إمْلْأ قَلْبي حُبَّاً لَكَ».

الحديث عن «حبّ الله وأثره في حياة المؤمن الرسالي».

هذا المقطع الشريف تكرر في الكثير من الأدعية كما جاء في دعاء السحر: «اللهم ارزقني حبّك وحبّ من يحبك وحبّ كل عمل يقربني إليك» وورد في الكثير من الأدعية ما يشبه هذا المقطع ومنها ما ورد في المناجاة الشعبانية «ولئن أدخلتني النار أعلمت أهلها أني أحبك».

وورد في دعاء كميل «أتسلط النار على وجوه خرت لعظمتك ساجدة وعلى قلوبنا اعترفت بإلهيتك محققه».

بحثنا اليوم عن أثر امتلاء القلب بحب الله.

كل إنسان تتوارد عليه الكثير من الخيالات والأفكار والأوهام، والأفكار على قسمين:

القسم الأول أفكار محمود والقسم الثاني أفكار مذمومة، هناك أفكار حسنة وهناك أفكار سيئة.

القسم الثاني هناك أفكار محركة وهناك أفكار غير محركة، مثلاً: هذا الذي للتو تفتقت عنده الشهوة الجنسية ويمر بفترة المراهقة ترده الكثير من الأفكار بعضها له جانب تحريك كما يتصل بالقوة الجنسية والشهوية فقد يقوده إلى الخير وهو الزواج وقد يدفعه ويقوده نحو الشعب وهو الزنا والسفاح.

وأحياناً تكون مجرد خيالات ينسج في الخيال كان يتصور جمل له رأس قطة وهرة هذا مجرد خيال وتصور.

إذاً كل إنسان ترد عليه الكثير من الأفكار خصوصاً في مرحلة المراهقة في مرحلة تفتق الشهوة أفكار فيما يتصل بالربوب والإلوهية والوحدانية والإيمان والعقيدة والأحكام وأفكار فيما يتصل بالشهوة ومقتضياتها هذه الأفكار كلها ترد على القلب هذا القلب أشبه بمرمى السهام ومرمى الرصاص فكل يصوب، هذا القلب أشبه بالمرآة التي تنعكس عليها الكثير من الصور التي لا يمكن عدها.

سؤال: ما هو منشأ الأفكار المحمودة وما هو منشأ الأفكار المذمومة يعني هذا الولد جالس وهذا الرجل جالس كأنه واحد يخاطبه لما لا تعمل صندوقاً خيرياً يفيد الناس؟ لم لا تعمل مضيافاً لخدمة المعزين؟ لم لا توزع الذبائح على المحتاجين والسلل الغذائية للمستحقين؟

وترى هذا المؤمن ينتقل من فكرة إلى فكرة هذه أفكار محمودة وأفكار محركة، ما هو منشأها؟

هذه الأفكار المحمودة يقال لها: إلهام ومنشأها الملائكة الملائكة تلهمهم توحي تلقي في روعه، هذا بالنسبة إلى الأفكار المحمودة.

والعكس بالعكس الأفكار المسمومة والمذمومة منشأها إبليس وأعوانه، منشأها الشياطين يأتي يوسوس إليه أنت الآن شاب ازني ثم تب إلى الله، أنت الآن في مقتبل العمر ادخل الربا وكون ثروة وبعد ذلك تب إلى الله وتصدق بهذه الأموال منشأ هذه الوساوس الشياطين.

إذا هناك جنود للرحمن وهم الملائكة وهناك جنود للشيطان وهم الشياطين الذين يستعين بهم إبليس أعوان إبليس، منشأ الأفكار المحمودة الملائكة الأفكار السيئة الشياطين، هناك كتاب عظيم لسيد عظيم إنه أبو الفتوح روح الله الموسوي الخميني اسمه جنود العقل وجنود الجهل يذكر سبعين جندي، جنود العقل يعني جنود الرحمن ما عبد به الرحمن واكتسب به الجنان وجنود الجهل يعني جنود الشيطان سبعين جندي بعضهم جنود للرحمن وبعضهم جنود للشيطان بعضهم جنود للعقل جنود للجهل والشيطان.

هذان الجيشان هذان الجندان يتصارعان فيما بينهما للسيطرة على القلب، فإذا امتلأ القلب بحب الله وبجنود العقل وجنود الرحمن لا يوجد فراغ حينئذ لجنود الشيطان، وإذا امتلأ القلب بجنود الشيطان بحيث لن يتركوه فراغاً فحينئذ لا يوجد فراغ لجنود الرحمن والعياذ بالله.

وتوجد صورة ثالثة أن يبقى القلب فارغا كالكأس الفارغ هذا القلب ليس فيه لا جنود للرحمن ولا جنون للشيطان ولكن قد تتوهم ذلك لأن الكأس إما مملوء بالماء أو لا، وإذا كان فارغاً فالكأس الفارغ فإنه مملوء بالهواء والشيطان يجري في ابن آدم مجرى الدم في العروق، فلا تظنن أن الكأس الفارغ هو فارغ وليس بفارغ من الهواء فإن هذا الهراغ يملؤه إبليس وأعوان.

خذ هذه القصة في يوم من الأيام رأى نبي الله يحيى بن زكريا إبليس ورأى أن إبليس يحمل معاقد أي خيوط وحبال، فقال: يا إبليس ما هذه المعاقد؟

فقال إبليس: هذه الشهوات ألقيها على ابن آدم فأجذبه بهذه المعاقد وهذه الشهوات.

فقال يحيى بن زكريا: يا إبليس هل يوجد لي معقد من بينها.

فقال إبليس: ربما شبعت أحياناً فتضعف عن الصلاة والذكر

فقال يحيى بن زكريا: إذا لن أشبع أبداً.

فقال إبليس: إذا لن أنصح أحداً بعد هذا أبداً.

إبليس خطير وخبير وخبيث ثلاث خاءات عند إبليس.

أولاً خبيث يتحرك بخبث.

ثانياً خبير عنده خبرة لأنه موجود خلق مع الجن، الجن كانوا موجودين قبل الإنس بأربعة آلاف عام عنده خبرة مرّ على جميع مراحل بني آدم عنده خبرة.

ثالثاً وخطير يؤدي بالإنسان في الهاوية ويقحمه ويلقي به في مواطن السوء.

سؤال: كيف نملأ القلب بحب الله؟

الآن إلى هنا توصلنا أن القلب الفارغ يكون مأوى للشياطين والقلب المملوء بالشياطين لا مجال له لجنود الرحمن إلا إذا كانت هناك ثغرات إذا ينبغي أن يملأ بحب الله وذكر الله، فما هي وسيلة ملء القلب؟

الجواب: دوام ذكر الله يتعود الإنسان يذكر الله «ألا بذكر الله تطمئن القلوب».

أحد الأعلام في البحرين أجريت له عملية والإنسان إذا يخدرونه يهلوس أحد أقاربنا ـ رحمه الله ـ خدروه لعمل عملية كانوا يجرونه بالسرير وكان يسب في الحاكم، قالوا: أنت أوقعتنا في حرج لعنة الله على فلان لعنة الله على فلان هم قولوا لي: اسكت هو في منطقة اللاشعور يتكلم يعني اتضح هذا يومياً يسب الحاكم.

هذا العالم الجليل لما خدروه وأخذ يهلوس، ماذا كان يقول؟ كان يقرأ سورة ياسين، فمعلوم أن هذا يوميا يواظب على قراءة سورة ياسين يعني دائم الذكر يعني امتلأ قلبه بسورة ياسين وحبّ القرآن الكريم، طواي قرآن يقرأ كثير القراءة.

يقال إن أحد عملاء الجاسوسية الروسية هذا كان عميلاً في أمريكا ويتكلم أمريكي وثقافته أمريكية ويشتغل في السي أي ايه الأمريكية لما عمل حادث وغاب عن الواعي أخذ يهلوس وتكلم بالروسي فعرفوه أنه جاسوس روسي لو لم يهلوس لأنه في منطقة اللا شعور يتكلم بلغة الأم يتكلم بالروسية.

كذلك المؤمن إذا امتلأ قلبه بحب الله وحبّ أهل بيته في هذه الحالة مجال لغيره.

أتذكر في واحد أتزوج ثم تزوج الزوجة الثانية، قلت له: يا فلان أنت صرت خطير، أتزوجت الثانية متى تتزوج الثالثة؟

قال: لا هذه الثانية ملئت القلب ولم يبق فيه فراغ، فلا مجال للثالثة.

لكن بعد مدة أتزوج الثالثة والرابعة لأنه صار فراغ.

وهذا الذي يقول ملأت قلبه هربت عنه، هذه الدنيا.

عموماً إخوتي وأحبتي في الله كلما إنسان يملأ قلبه بذكر الله يجعل له برنامج أو يواظب على قراءة القرآن الكريم يواظب على قراءة الأدعية والزيارات.

نحن الآن في شهر شعبان «وهذا شهر نبيك سيدي رسلك شعبان الذي حففته منك بالرحمة والرضوان الذي كان رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ يدأب لك في صيامه وقيامه في لياليه وأيامه».

يا أخي إذا امتلأ القلب بحب الله من آثار حب الله طرد الشياطين وطرد جنود إبليس وأعوانه، من آثار امتلاء القلب بحب الله الثبات على العقيدة والثبات على المبدأ كما ثبت على المبدأ صاحب هذا علي الأكبر ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ .

حدثنا المؤرخون قالوا: إن الحسين ـ عليه السلام ـ كان في حركته مع أهل بيته وإذا به يحوقل لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم إنا لله وإنا إليه راجعون.

فالتفت إليه ابنه علي الأكبر: أبى لما استرجعت؟

فقال: عن لي فارس، وإذا بالخطاب يقول: إن القوم يسيرون والمنايا تسير معهم، فقلت: إنا لله وإنا إليه راجعون.

فقال علي الأكبر هذا الشاب الذي امتلأ قلبه بالإيمان امتلأ قلبه بحب الله: أبى أولسنا على الحق؟

فقال الحسين ـ عليه السلام ـ : نعم، والذي إليه مرجع العباد.

فقال علي الأكبر: إذا لا نبالي أن نموت محقين وقع الموت علينا أم وقعنا عليه هذا من آثار حب الله.

من آثار حبّ الله وحبّ رسول الله الثبات على العقيدة وهذا له ثمن كبير، وإليكم هذه القصة:

يذكر أحد المراجع أنه في يوم من الأيام ذهبوا لزيارة المفسر الكبير سماحة آية الله السيد محمد حسين الطباطبائي صاحب الميزان في تفسير القرآن، يقول: جلسنا جاء واحضر الشاي وكانت يده ترتعش لكبر سنه يقول هذا السيد فقمت وأخذت منه الشاي ووزعته على الضيوف.

التفت صاحب الميزان فوجد أحد الخطباء من بيننا، فقال: قم وانعى الحسين ـ عليه السلام ـ فامتثل هذا الخطيب وجاء بمصيبة علي الأكبر وجاء ببيت من الشعر يصور حال الحسين عند فقد علي الأكبر، وأن هذا طائر بعد موت فرخه قد انكسر ظهره.

فبكى صاحب الميزان وكرر ذلك المقطع ثلاث مرات.

فلما انتهى الخطيب من المجلس، قال صاحب الميزان: لوددت أن صاحب هذا البيت من الشعر يقايضني بثواب هذا البيت بتفسير الميزان الذي كتبته في عشرين سنة.

فقال له البعض: سيدنا هذا البيت للشاعر الفلاني وهو شاعر معروف أن لديه شعر غزلي متهتك، سيدنا أنت تعرف صاحب هذا الشعر؟!

فقال صاحب الميزان: نعم، قرأت ديوانه بالكامل وهذا ديوانه، ولكن لا أظن أن سيد الشهداء يتركه في المهجر لنعيه فلذة كبده بهذا البيت من الشعر، هذا ثواب نعي الحسين، وخدمة الحسين ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ ، والقلب الذي يمتلئ بحب الله وحبّ الحسين بعيدٌ إن شاء الله عن همزات الشياطين.

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم إنه غفور رحيم وتواب حليم، والحمد لله ربّ العالمين، وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين.

 

00:00

28

2024
| مارس
جلسات أخرى من هذه الدورة 59 الجلسة

28

مارس | 2024
  • الكتاب: محاضرات أخلاقية في حسينية الإمام الرضا عليه السلام
  • الجزء

    01

  • 200

    الصفحة
جلسات أخرى من هذه الدورة
59 الجلسة