خارج الفقه
شیخ الدقاق

198 - عدم ضمان الخمس لو أذن الفقيه في نقله

خارج الفقه

  • الكتاب: دروس خارج الفقه
  • الجزء

    -

  • الصفحة  

    -

29

2024 | مايو

17 ذو القعدة 1445
26 مايو 2024

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدالله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين

اللهم كن لوليك الحجة بن الحسن صلواتك عليه وعلى آبائه في هذه الساعة وفي كل ساعة وليًا وحافظًا وقائدًا وناصرًا ودليًلا وعينًا حتى تسكنه أرضك طوعًا وتمتعه فيها طويلًا برحمتك يا أرحم الراحمين.

عدم ضمان الخمس لو إذن الفقيه في نقله

قال السيد محمد كاظم اليزدي ـ رحمه الله ـ في العروة الوثقى المسألة التاسعة:

«لو أذن الفقيه في النقل لم يكن عليه ضمان ولو مع وجود المستحق، وكذا لو وكله في قبضه عنه بالولاية العامة ثم أذن له في نقله».

تطرق صاحب العروة ـ رحمه الله ـ في هذه المسألة إلى صورتين:

الصورة الأولى لو أذن الفقيه في نقل الخمس، ونقله الناقل وتلف الخمس فحينئذ لا ضمان عليه لأن إذن الفقيه في النقل بمنزلة التوكيل الضمني، وحينئذ لا ضمان لأن النقل كان بإذن الولي في التصرف في المال بالنقل فتخرج يد المأذون عن كونها يد ضمان وإن لم يتحقق الإيصال الواجب.

وحكم هذه الصورة حكم المال الشخصي إذا كان في يدي غير مالكه، فإذا أذن المالك بالنقل، ونقله المأذون وتلف المال قبل أن يصل إلى المقصد، فحينئذ لا يضمن الناقل لأن المنقول قد تلف من غير تعدٍ ولا تفريط، فلا يجب عليه الضمان.

الصورة الثانية صورة توكيل الحاكم الشرعي المالك في قبض الخمس من قبله، ثم إذنه في نقله، وحينئذٍ لا ينبغي الاستشكال في عدم الضمان، لأن قبض المالك وعزله للخمس ونقله للخمس بمثابة قبض ولي الخمس وهو الفقيه لأنه وكيل عنه في القبض، وتلف المال بعد النقل لا يوجب ضمان الناقل إذا كان الناقل مأذوناً من قبل ولي الخمس في النقل، لأن يده يد أمانة، وما على الأمين إلا اليمين وهو غير ضمين إذا لم يكن التلف عن تعدٍ أو تفريط.

هذا بالنسبة إلى المأذون، الوكيل المأذون لا يجب عليه الضمان.

كذلك بالنسبة إلى الموكل وهو ولي الخمس الحاكم الشرعي لا ضمان عليه أيضاً إذ بعد ثبوت ولايته على الخمس ومشروعية تصرفه لا ضمان عليه، كما لو أذن الحاكم الشرعي في نقل الخمس من بلدٍ لا مستحق فيه إلى بلد فيه مستحقون وتلف المال بآفةٍ سماوية في الطريق كزلزال أو بركان فحينئذٍ لا يضمن ولي الخمس الموكل، والله العالم.

هذا تمام الكلام في المسألة التاسعة.

المسألة عشرة:

«مؤونة الناقل على الناقل في صورة الجواز، ومن الخمس في صورة الوجوب».

تطرق صاحب العروة في المسألة العاشرة إلى صورتين:

الصورة الأولى صورة جواز نقل وعدم وجوبه، وحينئذ فإن الناقل تكون أجرة النقل عليه ولا تكون من نفس الخمس لأنه لا مقتضي لإيراد النقص على الخمس باحتساب مؤونة وتكلفة النقل من الخمس لأن الفرض أنه لا يجب نقل الخمس، ولا يتوقف الإيصال الواجب على النقل فيمكن إيصال الخمس إلى مستحقه من دون نقله.

فمع فرض وجود المستحق في نفس البلد أو توقع وجوده في المستقبل مع إمكان الاحتفاظ بالمال وعدم تلفه فحينئذ يكون جواز تنقيص أجرة النقل ومؤونة النقل من الخمس ومن نفس الخمس تحتاج إلى دليل، ولا يوجد دليل على ذلك.

فلو اختار المكلف نقل الخمس في صورة جواز النقل فإن تكلفة نقل الخمس تكون على نفس الناقل كما لو كان هو نفس المال، ولا تكون من نفس الخمس.

هذا تمام الكلام في الصورة الأولى جواز النقل.

الصورة الثانية صورة وجوب نقل الخمس كما لو لم يوجد مستحق في البلد، ووجد المستحق خارج البلد، فإذا وجب نقل الخمس على الوكيل أو المالك فإن إبجاب تكلفة النقل على المالك والناقل يوجب وقوع ودخول الضرر عليه، وهو منفي بقاعدة: «»لا ضرر ولا ضرار في الإسلام» أي لا يوجد حكم شرعي يلزم منه الضرر، والحكم بإبجاب النقل عليه يلزم منه وقوعه في الضرر وهو دفع تكلفة النقل هذا من جهة.

ومن جهة أخرى إن إبجاب الإيصال لا يقتضي إلا وجوب النقل ولا يقتضي تحمل الضرر حاله حال المال الشخصي إذا كان في يدّ غيره كما لو كان مالٌ وديعة في يد الودعي ومات المالك ووجب إيصال المال إلى وارث المالك وكان في بلد آخر فإن الواجب حينئذ هو خصوص إيصال المال إلى الوارث ووجوب الإيصال إنما يقتضي خصوص وجوب النقل ولا يقتضي إبجاب دفع أجرة النقل.

وبالتالي يكون مقتضى قاعدة أن تدفع أجرة النقل من نفس المال، فإذا لم يكن موجبٌ لجعل المؤونة على الناقل في صورة الوجوب وقد افترضنا وجوب إيصال المال إلى أهله وهذا لا يتم بدون النقل فحينئذ تكون الخسارة على نفس المال لا على الناقل، والله العالم.

هذا تمام الكلام في المسألة العاشرة.

المسألة أحد عشر:

«ليس من النقل لو كان له مال في بلد آخر فدفعه فيه للمستحق عوضاً عن الذي عليه في بلده، وكذلك لو كان له دينٌ في ذمة شخص في بلد آخر فاحتسبه خمساً، وكذا لو نقل قدر الخمس من ماله إلى بلد آخر فدفعه عوضاً عنه».

تطرق صاحب العروة ـ رحمه الله ـ في هذه المسألة إلى ثلاث صور، والغرض من طرح هذه الصور الثلاث بيان أن أصل مسألتنا وموضوعها هو النقل فالحرمة حكم وموضوعها النقل، وثبت العرش ثم النقش، أولاً ثبت أن هذا نقل ثم ابحث أن هذا النقل جائز أو واجب أو حرام.

فلو تم الدليل على حرمة نقل الخمس مع وجود المستحق في البلد.

إما لدعوى الإجماع عليها فيدعى وجود إجماع أنه إذا يوجد يستحق في البلد لا يجوز نقل الخمس لا خارجي، أو يدعى أن النقل ينافي فورية إخراج الخمس، أو أن النقل منافٍ لأولوية المستحق في البلد، كما ورد في الزكاة من أن النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ كان يقسم صدقة أهل البوادي فيهم، وصدقة أهل الحضر فيهم[1].

فقد يدعى أن المستفاد من هذه الرواية وغيرها أن موضوع الحرمة الفرز والتوزيع يعني الدفع النبي كان يدفع لأهل الحضر من صدقة أهل الحضر، وكان يدفع صدقة أهل البوادي لأهل البوادي فيحرم الدفع إلى الخارج مع وجود المستحق في الداخل، والدفع نتيجة للناقل لا أنه ماذا؟ نفس النقل.

لكن بحسب التدقيق والتحقيق إذا نراجع الرواية ونراجع كلمات الفقهاء نجد أن موضوع الحرمة أو هو نفس النقل لا الدفع الذي هو نتيجة للنقل، فمن قال بالحرمة ومن قال بالجواز، ومن قال بالاحتياط الاستحبابي أو الاحتياط الوجوبي إنما كان ناظراً إلى خصوص عنوان النقل فالمتبع صدق عنوان النقل لا الدفع، فأينما تحقق عنوان النقل لحقه حكمه وإلا فلا.

ومن هنا يبحث أن عنوان النقل الذي هو موضوع الحرمة أو الجواز أو الاحتياط هل يصدق في هذه الصور الثلاث؟ التي سيأتي بيانها.

ومن الواضح هذه الصور الثلاث لا يصدق عليها عنوان النقل، وهي كما يلي:

الصورة الأولى لو كان المكلف مالٌ في بلد آخر كما لو كان المكلف يعيش في البحرين وعنده مال في العراق فدفع ماله في العراق للمستحق في العراق عوضاً عن الخمس الذي عليه في بلده البحرين فحينئذ لا يصدق عليه أنه نقل وإنما هو تبديل مال بمال ولم ينقل نفس المال الذي تعلق به الخمس ولم ينقل نفس الخمس.

الصورة الثانية لو كان للمكلف دين في ذمتي شخص في بلد آخر كما لو كان المكلف في البحرين وقد دفع قرضاً لسيد فقير في إيران ثم احتسبه عليه خمساً كما لو كان هذا السيد مستحقاً وفقيراً، طبعا هل يجوز الاحتساب ابتداءً أو لا؟ خلافٌ بين الفقهاء.

وقد ذهب السيد الخوئي ـ رحمه الله ـ إلى أن الأحوط وجوباً الاستئذان في من الحاكم الشرعي أو وكيله وكلامه مطابق للقاعدة والاحتياط فلابد من مراجعة ولي الخمس في كلا السهمين: سهم الإمام وسهم السعادة، وعلى مبنانا لابد من أخذ إذنه وبناء على ثبوت الولاية المطلقة للفقيه أو الولاية العامة يكون التصرف في كلا السهمين من شأن الفقيه فلا يجوز احتساب الخمس إلا بأخذ إذنه أو إذن وكيله.

ومن الواضح أن هذه الصورة الثانية ليست من صور النقل لأنها عبارة عن تبديل الخمس بما في الذمة واحتساب ما في الذمة خمساً وهذا لا يصدق على أنه نقل.

الصورة الثالثة لو نقل قدر الخمس من ماله إلى بلد آخر هو سافر من البحرين إلى سوريا للزيارة، سبحان الله! حمل وياه الخمس، هناك رأى المستحق فدفع هذا القدر عوضاً عن الخمس الذي ثبت في ذمته فحينئذ لا يصدق عليها أنه نقل هو نقل ماله ثم دفعه كخمس لا أن الخمس قد تعين في البحرين ثم نقل الخمس إلى سوريا.

الخلاصة:

ليس شيء من هذه الصور الثلاث يصدق عليه أنه نقل للخمس، وإن أدى إلى نتيجة النقل لكن لا يصدق عليه أنه نقل، والله العالم.

لا الصورة الأولى كان عنده مال في البلد الآخر، الصورة الثالثة الصورة الثالثة هو نقل قدر المال.

كان عنده مال في البلد الآخر هذه الصورة الأولى، الصورة الثالثة هو نقل معه مال بقدر الخمس وجب أو لم يجب، وجب عليه في بلده لكن لم ينقله كخمس أو نقل إلى ذلك البلد ثم وجب عليه خمس في المال الذي في بلده وأراد أن يدفع من المال الموجود عنده يصدق عليه أيضاً الصورة الثالثة.

المسألة اثنا عشر:

«لو كان الذي فيه الخمس في غير بلده فالأولى دفعه هناك، ويجوز نقله إلى بلده مع الضمان».

في هذه المسألة نقح صاحب العروة المراد بالبلد، فهل المراد بالبلد البلد الذي فيه المالك أو المراد بالبلد البلد الذي فيه المال؟

فلو تاجر من تجار إيران عنده أموال في خمسين دولة، وقلنا لا يجوز النقل، فهل المدار على النقل من إيران الذي هو بلد مالك المال؟ أو المدار على النقل من بلد المال فلو كان عنده مال في العراق لا يجوز نقله من العراق؟

والظاهر أن المراد بالبلد بلد المال، يعني المال الذي ثبت فيه الخمس، وهذا المال إذا كان في بلد وفيه مستحقون لا يجوز نقله إلى بلد آخر غير بلد المال إذا توفر المستحق داخل ذلك البلد.

إذاً المقصود من النقل هو النقل من بلد المال لا بلد المالك، فإذا كان المالك في بلده وماله الذي تعلق به الخمس في بلد آخر فعلى القول بعدم جواز النقل لا يجوز نقله من بلد المال إلى غيره، ولو كان البلد الآخر هو بلد نفس المالك ويضمن لو تلف في الطريق.

المسألة ثلاثة عشر:

«إن كان المجتهد الجامع للشرائط في غير بلده، جاز نقل حصة الإمام ـ عليه السلام ـ إليه بل الأقوى جواز ذلك ولو كان المجتهد الجامع للشرائط موجوداً في بلده أيضاً، بل الأولى النقل إذا كان من في بلد آخر أفضل أو كان هناك مرجح آخر».

يستفاد من المسألة ثلاثة عشر أن تمام التفاصيل التي ذكر في حرمة أو جواز النقل ناظرة إلى سهم السادة النجباء، وأما سهم السادة سهم الإمام ـ عليه السلام ـ فواضح أنه حقّ الإمام ـ عليه السلام ـ فيجوز نقله بإذن الإمام أو نائبه المجتهد الجامع للشرائط أو وكيله، فجميع ما مضى لا يجري بالنسبة إلى حصة سهم الإمام ـ عليه السلام ـ فحق الإمام راجع إلى الحاكم الشرعي ولا يجوز التصرف فيه إلا بإجازته فإن أجاز جاز نقله، وإلا فلا، حاله الولي في الأموال الشخصية فيجوز النقل في المال الشخصي إذا إذن المالك.

المسألة أربعة عشر:

«قد مرّ أنه يجوز للمالك أن يدفع الخمس من مال آخر له نقداً أو عوضاً، ولكن يجب أن يكون بقيمته الواقعية فلو حسب العروض بأزيد من قيمتها لم تبرأ ذمته وإن قبل المستحق ورضي به».

تكلمنا عن هذه الصور وقلنا بجواز النقل نقداً يعني التبديل نقداً وأما التبديل عروضاً فقد استشكلنا في ذلك كما استشكل السيد الخوئي[2].

إذا كان النقل بإجازة من الحاكم الشرعي فإن قلنا بالجواز أو كان بإجازة الحاكم فلا يجوز أن يحسب العروض بأزيد من قيمته الواقعية.

وهذه المسألة ناظرة إلى أن المدار على تبديل نفس القيمة الواقعية للخمس وليس المدار على رضا المستحق، يعني إذا كان هذا الخمس ألف دينار بحراني فلابد من النظر إلى القيمة الواقعية للألف دينار البحراني كم تسوى من الذهب؟ أو الفضة أو الدينار العراقي أو التومان الإيراني أو العروض والمتاع إن قلنا بجواز التبديل إلى ذلك.

ولا يجوز له أن يبدله بأقل حتى لو رضي المستحق، يعني هذا السيد قال هي ألف دينار وهذا الذي بتدفعه لي بالتومان أو الدينار العراقي يساوي النصّ مو مشكلة أنت جيب النصّ وأنا أبرئ ذمتك عن النص ما يجوز.

لابد من لحاظ القيمة الواقعية، والله العالم.

المسألة خمسة عشر:

«لا تبرأ ذمته من الخمس».

يأتي عليها الكلام، وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين.

 

[1]  وسائل الشيعة، ج 9، ص 284، أبواب المستحقين للزكاة، الباب 38، الحديث 2.

[2]   المستند في شرح العروة الوثقى، كتاب الخمس، ج 25، ص 341، وأيضاً في تعليقته على العروة الوثقى.

00:00

29

2024
| مايو
جلسات أخرى من هذه الدورة 200 الجلسة

29

مايو | 2024
  • الكتاب: دروس خارج الفقه
  • الجزء

    -

  • -

    الصفحة
جلسات أخرى من هذه الدورة
200 الجلسة