مختصر جامع السعادات
شیخ الدقاق

53 - إخافة المؤمن

مختصر جامع السعادات

  • الكتاب: مختصر جامع السعادات
  • الجزء

    01

  • الصفحة  

    200

29

2024 | مايو

18 شوال 1445

27 أبريل 2023

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدالله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين

اللهم كن لوليك الحجة بن الحسن صلواتك عليه وعلى آبائه في هذه الساعة وفي كل ساعة وليًا وحافظًا وقائدًا وناصرًا ودليًلا وعينًا حتى تسكنه أرضك طوعًا وتمتعه فيها طويلًا برحمتك يا أرحم الراحمين.

دروس أخلاقية

كتاب مختصر جامع السعادات

تدريس: الشيخ عبد الله الدقاق

الدرس (الثالث وخمسون): إخافة المؤمن

من الأمور والمساوئ التي تترتب على القوة الغضبية عنوان مهمان شائعان:

العنوان الأول إخافة المؤمن.

العنوان الثاني إدخال الكرب في قلبه.

وهذان العنوانان من شعب الإيذاء ومن الواضح أنه يحرم إيذاء المؤمن، في الغالب هذان يترتبان على العداوة والحسد، إذا شخص عنده عداوة مع شخص يتعمد يأذيه، ويتعمد يخوفه، لحسدٍ حقدٍ عداوة بغضاء، ولكن أحياناً لا يكون عن حسد أو عداوة وإنما عن سوء طبع شخص هكذا سيء الخلق من يتكلم يأذي بكلامه يخوف، أو دائماً محبط يأس من يتكلم ممن يراه وممن حوله.

وأحياناً يكون الباعث هو الطمع، مثلاً: هذا التاجر يطمع في هذه الصفقة فيخوف التاجر الثاني حتى لا يدخل في هذه الصفقة، أو سياسي يريد أن يقوم بهذه الخطوة فيدخل الكرب على قلب أخيه السياسي الآخر حتى لا يخطو هذه الخطوة.

الأخبار الواردة في ذم إخافة المؤمن وإدخال الكرب على قلبه كثيرة، وهذان العنوانان يتكرران كثيراً أحياناً حتى في أجواء العائلة والصداقة، مثلاً: الزوج يغضب على زوجته ويتعمد يخوفها أو يؤذيها، أحياناً عن طريق المزاح اثنين يتمازحون يعرف أن صاحبه جبان خويفة هو يتعمد يخوفه ما يجوز حرام، يحرم إخافة المؤمن، يحرم إدخال الكرب على المؤمن.

لذلك مثلاً: في الحياة الزوجية لو يوم من الأيام أذتك زوجتك لا تنظر إليها نظرة مخيفة تخوفها، عنوان إخافة المؤمن والمؤمنة حرام، تتعمد تخوف ولدك أخوك صديقك زوجتك، تتعمد أن تدخل الكرب على قلبهم هذا حرام، كله يندرج تحت عنوان الإيذاء يحرم إيذاء المؤمن.

للآسف البعض يرسل رسالة مسج واتساب يرسل فيديو يرسل صورة فيها تعريض يعرف أنه سوف يؤذي الطرف الآخر يتعمد يأذيه يسوي له نغزة باصطلاح البحارنة يقولون: يضرب عليه خشة، يعرض به، حرام هذا ما يجوز، فلنلتفت جيداً في كلامنا في محاوراتنا.

أحياناً حتى في النظرة ينظر الي نظري خوفه حتى لو عن مزاح ما يجوز هذا حرام، للآسف الشديد بعض المؤمنين قد يحصل المزاح هكذا بينهم يخوفه يخليه ما ينام، ويقول: سوينا فيه مقلب، هذا المقلب لا يرضي الله عزّ وجل.

نقرأ هذا المقدار:

«إخافة المؤمن وإدخال الكرب في قلب، وهما» يعني إخافة المؤمن وإدخال الكرب «شعبتان من الإيذاء فيترتبان غالباً على العداوة والحسد، هذا في الغالب، وقد يترتبان على مجرد الغضب» غضب لوهله أخاف الطرف الآخر «أو سوء الخلق أو الطمع، وهما: سوء الخلق والطمع من رذائل الأفعال والأخبار الواردة في ذمهما كثيرة، كقول النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ» لاحظ هذه الرواية ودقتها «من نظر إلى مؤمن نظرة ليخيفه بها أخافه الله تعالى يوم لا ظل إلا ظله» احفظ هذه الرواية إذا أنت غضبت وتريد تخوف الطرف الآخر اذكر هذه الرواية «من نظر إلى مؤمن نظرة ليخيفه بها أخافه الله تعالى يوم لا ظل إلا ظله».

وقول الصادق ـ عليه السلام ـ : «من روع مؤمناً بسلطان» يعني من خلال سلطان أو حاكم أراد أن يؤذيه روعة يخوفه «من روع مؤمناً بسلطان ليصيبه منه مكروه» يعني يصيب المؤمن من السلطان مكروه «فلم يصبه فهو في النار، ومن روع مؤمناً بسلطان ليصيبه منه مكروه فأصابه» أصابه المكروه «فهو مع فرعون وآل فرعون في النار» يعني في قعر الحضيض يعني إذا ما أصاب المكروه في النار وإذا أصاب المكروه هو في قعر الحضيض مع فرعون وآل فرعون.

سؤال: ما هو ضد إخافة المؤمن؟

الجواب: «وضد ذلك إزالة الخوف عنه وتفريج كربه وإدخال السرور في قلبه ولا حد له الثواب المترتب عليها كما نطقت به الأخبار».

هناك رواية حلوة المؤمن «إذا أنزل في ملحوجته زاره شاب جميل جميل المنظر يريح البال، فيقول له: من أنت؟ فيقول: أنا السرور الذي أدخلته على قلب المؤمن».

قال رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ : «من حمى مؤمناً من ظالم بعث الله له ملكا يوم القيامة يحمي لحمه من نار جهنم».

وقال الصادق ـ عليه السلام ـ : «من أغاث أخاه المؤمن اللهفان اللهثان عن جهده فنفس كربته وأعانه على نجاح حاجته كتب الله تعالى له بذلك اثنتين وسبعين رحمة من الله يعجل له منها واحدة يصلح بها أمر المعيشة ويدخر له إحدى وسبعين رحمة لأفزاع يوم القيامة وأهواله».

وقال ـ صلى الله عليه وآله ـ : «من سر مؤمناً فقد سرني ومن سرني فقد سر الله».

احفظوا هذه الكلمة أيها الإخوة بعد الإيمان بالله أفضل شيء خدمة المؤمن، إذا كملت عقيدتك يعني آمنت بالله وبرسوله وبالمعاد يعني بعد العقيدة، طبعاً أكيد أداء الواجبات من صلاة وصوم، تريد عمل عمل يدخلك الجنة؟ خدمة المؤمنين، والعكس بالعكس تريد عمل يدخلك النار؟ إيذاء المؤمنين.

الإمام ينظر إلى الكعبة، ويقول: «ما أبهاك وما أعظمك! والله إن المؤمن لأشد حرمة منك»، لذلك التفت جيداً حرمة المؤمن، لا تبتليش بمؤمن لحمه مرّ، غيبة، نميمة، سخرية، إيذاء، كلام عليه، بهتان، تجنب لا تخلي ملفك أسود، تجنب الشخص الذي دائماً يذكر أسماء أشخاص.

في بعضهم تعود بعد ما يقدر، حتى لو يجي يطلب حاجة حتى لو يجي يطلب حاجة يا أخي أنت اطلب حاجتك يذم فلان وعلان تجنب هؤلاء الأشاخص، وعود نفسك أن تشتغل بذنبك لا بذنوب غيرك.

لسانك لا تذكر به عورة امرئ

فكلك عورات وللناس ألسن

«ومنها» يعني ومن رذائل القوة الغضبية «ترك إعانة المسلمين» في واحد يحب يساعد الناس، في واحد يحب يأذي الناس، لا لشيء يلتذ، بعضهم يلتذ، يحب يأذي، أو هو قادر على الإعانة يأتيه شخص ديني وهو يستطيع أن يعطيه دين يكذب يقول له: ما عندي، يأتي شخص قادر على حله، يقول له: أنا ما أقدر على حله، أو أحياناً يتبختر، يقول له: أنا أقدر احل الموضوع لكن ما أنا احله لك، هذا من أعظم الذنوب.

«ومنها ترك الإعانة المسلمين وعدم الاهتمام بأمورهم فإن من يعادي غيره أو يحاسده يترك إعانته ولا يهتم بأموره وربما كان ذلك من نتائج الكسالة بها» عنده كسل، عيال ما يحب يشتغل ما يحب يخدم يعني مجرد كسل، يقول له: الآن اكلم فلان واروح إلى فلان، وش لي بهالدوخة؟! أقول له: ما أقدر، هذا كسل.

«أو ضعف النفس وصغرها أو البخل» بخيل يبخل بوقته يبخل بماله.

«وبالجملة لا ريب في كونه من رذائل الصفات وما ورد في ذمه من الأخبار كثير، قال الباقر ـ عليه السلام ـ : «من بخل بمعونة أخيه المسلم والقيام له في حاجته إلا ابتلي بالقيام بمعونة من يأثم عليه ولا يؤجر» يبتلى بمعون الظالم أو بمعونة فاسق ما يحصل أجر.

وقال الصادق ـ عليه السلام ـ : «أيما مؤمن منع مؤمن شيئاً مما يحتاج إليه وهو يقدر عليه من عنده أو من عند غيره» أحياناً هو يقدر أن يسد الحاجة وأحياناً من عند غيره «ولا يسعى في ذلك أقامه الله عزّ وجل يوم القيامة مسود وجهه مزرقة عيناه مغلولة يداه إلى عنقه، فيقال: هذا الخائن الذي خان الله ورسوله ثم يؤمر به إلى النار».

وقال رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ : «من أصبح لا يهتم بأمور المسلمين فليس منهم، ومن سمع رجلاً ينادي يا للمسلمين فلم يجبه فليس بمسلم».

يا إخوة يا أحبة هناك ثقافة اسمها ثقافة العطاء، وهناك ثقافة ثقافة الأخذ، الذي يتعود يعطي يعطي وقته يعطي ماله يعطي سمعته هذا يعيش لذة لا يعرف إلا من عاينها، لذة العطاء أفضل من لذة الأخذ، مثل: لذة عطاء العلم ولذة أخذ العلم، أخذ العلم له لذة لذة إعطاء العلم أقوى، لذة أخذ المال لطيفة لكن لذة إعطاء المال الطاف.

بعد يا أخي من يمنع الأخذ يتأذى ومن يمنع العطاء يتأذى أكثر يعني افترض هذا واحد فقير يروح ما يعطونه يتأذى، هذا المعطي إذا كان من أهل الخير وأهل الكرم وضاقت مخارجه ولا يوجد عنده ما يعطيه يتأذى أكثر إذا يجيه هذا الشخص وما يقدر يساعده، والجود بالنفس أقصى غاية الجود، الشهادة في سبيل الله، إعطاء الدم، هذه من ثقافة العطاء، فتعلم ثقافة العطاء، تعلم ثقافة قضاء حوائج الناس تسعى في حاجة أخيك كأنك تسعى في حاجتك.

«ثم إن ضد هذه الرذيلة» ترك إعانة المسلمين «قضاء حوائج المسلمين والسعي في إنجاح مقاصدهم، وهو من أعظم أفراد النصيحة ولا حدّ لمثوبته عند الله».

الإمام الصادق كان يطوف حول بيت الله ومعه أحد أصحابه فجاءه أحد أصحابه، الإمام الصادق التفت لصاحبه، قال: ماذا يريد منك؟

قال: جاءني في حاجة، قلت له: بعد الطواف.

فقال له الصادق ـ عليه السلام ـ : اقطع طوافك واذهب لقضاء حاجة أخيك المؤمن، والله لقضاء حاجة المؤمن أحب إلي من صيام شهر أو اعتكافه» الإمام الصادق ـ عليه السلام ـ  .

قال رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ : «من قضى لأخيه المؤمن حاجة، فكأنما عبد الله دهره».

وقال ـ صلى الله عليه وآله ـ : «من مشى في حاجة أخيه ساعة من ليل أو نهار قضاها أو لم يقضها كان خيراً له من اعتكاف شهرين».

وقال الصادق ـ عليه السلام ـ : «إن الله تعالى خلق خلقاً من خلقه انتجبهم لقضاء حوائج فقراء شيعتنا ليثيبهم على ذلك الجنة فإن استطعت أن تكون منهم فكن».

وقال أبو الحسن ـ عليه السلام ـ : «إن لله عباداً في الأرض يسعون في حوائج الناس هم الآمنون يوم القيامة، ومن ادخل في قلب مؤمن سروراً فرح الله قلبه يوم القيامة».

أصلاً الذي يتعود يقضي حوائج الناس وساعدهم يعيش لذة عجيبة يشعر ببرد على قلبه راحة عجيبة عجيبة غريبة هذه اللذة لا يدركها إلا من عاشها وعاينها، وكذلك من يأتيه المؤمن ولا يقضي حاجته يعيش خسة وذلة ما يدركها إلا الذي يعينها.

«ومنها التهاون والمداهنة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر»

رواية عجيبة: «لتأمرنا بالمعروف أو لتنهون عن المنكر وإلا ليسلطن الله عليكم شراركم فيدعو خياركم فلا يستجاب لهم».

في رواية أخرى: «واعلموا أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يقرب أجلاً ولا يقطع رزقاً» أصلاً حياة الأمة بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لكن التهاون في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إما أن ينشأ من ضعف النفس أو من الطمع المالي ضعف، يقول: الآن أمره ويأذيني ويعطيني كلام الباب الذي يجيك منه ريح سده واستريح، أو من الطمع المالي أنه أنا اسكت ويعطوني رشوة يعطوني مالاً.

إذا كان منشأ عدم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو ضعف النفس فهذا منشأ القوة الغضبية ما عنده قوة غضبية كافية تثأر لله، وإذا كان منشأ الطمع المالي يكون منشأ القوة الشهوية.

قال المحقق النراقي:

«ومنها التهاون والمداهنة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهو ناشئ إما من ضعف النفس وصغرها أو من الطمع المالي ممن يسامحه فيكون من رذائل القوة الغضبية من جانب التفريط» تفريط حينما يعني ضعف النفس وتفريطها فهذا من جانب.

«أو من رذائل القوة الشهوية من جانب الإفراط» القوة الغضبية تفريط يعني ضعف النفس ضعف النفس تفريط وليس إفراط يعني تفريط في القوة الغضبية نفسه ليست قوية ضعيفة هذا تفريط.

أو إفراط في القوة الشهوية وهو الطمع، الطمع إفراط في القوة الشهوية «أو من رذائل القوة الشهوية من جانب الإفراط وهو التهاون والمداهنة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من المهلكات التي يعم فسادها وضرها ويسري إلى معظم الناس أثرها وشرها، كيف ولو اطوي بساط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لاضمحلت الديانة وفشت الضلالة وشاعة الجهالة وضاعت أحكام الدين واندرست آثار شريعة ربّ العالمين وهلك العباد وضربت البلاد.

ولذا ترى وتسمع في أن كل عصر نهض بهذه السنة» سنة الأمر بالمعروف «بعض المؤيدين من غير أن تأخذهم في الله لومة لائم من أقوياء العلماء» أقوياء العلماء أقوياء النفوس «المتكفلين لعلمها وإلقائها» هؤلاء إذا تقدموا وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر «رغب الناس إلى ضروب الطاعات والخيرات وفتحت عليهم بركات الأرض والسماوات وفي كل قرن لم يقم ب‘حيائها عالم عامل استشرى الفساد واتسع الخرق وخربت البلاد واسترسل الناس بإتباع الشهوات والهوى وانمحت أعلام الهداية والتقوى.

ولأجل ذلك ورد الذم الشديد في الروايات والأخبار في ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والمداهنة فيهما، قال الله سبحانه: (لولا ينهاهم الربانيون والأحبار عن قولهم الإثم وأكلهم السحت لبئس ما كانوا يصنعون).

قال رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ : «ما من قوم عملوا بالمعاصي وفيهم من يقدر أن ينكر عليهم فلم يفعل إلا يوشك أن يعمهم الله بعذاب من عنده».

وقال ـ صلى الله عليه وآله ـ : «إن الله ليبغض المؤمن الضعيف الذي لا دين له. فقيل له: وما المؤمن الذي لا دين له؟ قال: الذي لا ينهى عن المنكر، وقيل له ـ صلى الله عليه وآله ـ : أتهلك القرية وفيها الصالحون؟ قال: نعم، بم يا رسول الله؟ قال: بتهاونهم وسكوتهم عن معاصي الله».

وقال ـ صلى الله عليه وآله ـ : «لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليستعملن عليكم شراركم فيدعو خياركم فلا يستجاب لهم».

وقد وردت أخبار بالمنع عن حضور مجالس المنكر إذا لم يمكنه دفعه والنهي عنه، ولو حضر نزلت عليه اللعنة».

مجلس منكر فيه غناء بعضهم يدخل مطعم فيه أغاني يقول: مو مشكلة نحن ما نسمع نأكل بس ما نسمع، يقص عليه إبليس، يا أخي لست بمجبر أن تدخل هذا المطعم أو هذا السوق أو السوبر ماركت الذي فيه غناء أو فيه رقص، وفيه بعض مظاهر الفسق والفجور.

وعلى هذا لا يجوز دخول بيت الظلمة والفسقة ولا حضور المشاهد التي يشاهد فيها المنكر ولا يقدر على تغييره إذ لا يجوز مشاهدة المنكر من غير حاجة اعتذاراً بأنه عاجز، أصل دخولك اختيارك لا عن عجز ولا عن إجبار.

ولهذا اختار جماعة من السلف العزلة حذراً من مشاهدة المنكر في الأسواق والمجامع والأعياد مع عجزهم عن التغيير إذا يمكن أن يغير يجب.

«ثم إن ضد المداهنة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو السعي فيهما والتشمير لهما وهو أعظم مراسم الدين هو المهم الذي بعث الله لأجله النبيين ونصب من بعدهم الخلفاء والأوصياء وجعل نوابهم أولي النفوس القدسية من العلماء بل هو القطب الذي تدر عليه أرحلة الملل والأديان وتطرق الاختلال فيه يؤدي إلى سقوطها عن الدوران».

لا بأس نذكر قصة وقعت لنا أوائل مجيئنا إلى الحوزة قبل واحد وثلاثين سنة تقريباً قبل ثلاثين سنة رجعنا إلى منطقتنا في البحرين الله يرحمه كان الشيخ محمد علي العكري يجمع طلاب العلوم الدينية، يا جماعة القرية شنو فيها من مشكلة؟

قال واحد: مكافحة المخدرات.

قال: أستغفر الله المخدرات النسوان العفيفات المخديرات مو المخدرات، المخدرات جيد.

بعد قال: السفور الموجود النساء الذي ما يلبسون حجاب.

قال: نروح لهم بيت بيت.

رحنا بيت وحدة دقينا الجرس، طلعت أمها.

قال الشيخ محمد العكري: أين فلانة؟

قالت: مو موجودة، شوي ولا جاية؟

قالت: أنت شعندك وياي؟! وهذا حبيبي وأنت مالك خص هذه حرية شخصية.

قال لها: حرية شخصية داخل الديرة، خارج الدايرة تحترمين حرمة الناس.

قالت: بشتكي عليك عند الشرطة.

قال: ها أنا الذي اشتكي عليه، واكسر سلايتش.

نعم، قال: الشرطة، أنا بعد توي عمري ذاك الوقت ثمانية عشر سنة تقريباً، أول مرة ادخل مركز شرطة وادانه مركز الخميس في البحرين.

من شافه ها شيخ محمد علي وش عندك؟

قال: اكتب محضر، محضر اشتكى عليها.

كم يوم ألزموها داخل منطقتنا تلبس حجاب.

الشيخ محمد علي قال: نعم، كسرنا سلايتها.

لكن المشكلة من التهاون هذا يتهاون وهذا يتهاون.

قال الله سبحانه: (ولتكن...) حتى سأله أنت ويش جابك؟

قال: جاي أمر بالمعروف وأنهى عن المنكر رحمة الله عليه.

قال الله سبحانه: (ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف ينهون عن المنكر أولئك هم المفلحون).

وقال تعالى: (كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر).

وفي خبر جابر عن الباقر ـ عليه السلام ـ : «إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سبيل الأنبياء ومنهاج الصلحاء فريضة عظيمة بها تقام الفرائض وتأمن المذاهب وتحل المكاسب وترد المظالم وتعمر الأرض وينتصف من الأعداء ويستقيم الأمر فانكروا بقلوبكم واحفظوا بألسنتكم وصكوا بها جباههم ولا تخافوا في الله لومة لائم» كثير منا للضعف النفس والجبن وإلا ما يصير هكذا ظاهرة كبيرة لترك الحجاب.

«ثم ينبغي لكل أمر بالمعروف والنهي عن المنكر أن يكون حسن الخلق صابراً حليماً قوياً في نفسه لأن لا ينزعج ولا يضطرب إذا قيل في حقّه ما لا يليق به» أكثر الناس تميل إلى شهواتها فلابد يأذيك هذا بكلام بفعل، لذلك أنت أيضاً كن لبق في المعاملة وصبوراً.

«فإن أكثر الناس أتباع الهوى فإذا نهوا عما يميلون إليه شق ذلك، فربما أطلقوا ألسنتهم في حق الناهي ويقولون فيه ما لا يليق بشأنه وربما تجاوزوا إلى سوء الأدب قولاً وفعلاً بالمشافهة وأن يكون رفيقاً بالناس فإن الوعظ بالرفق والملاءمة أوقع وأشد تأثيراً في قلوب في قلوب أكثر الناس وأن يكون قاطعاً للطمع عن الناس» يعني مو ينصحهم لطمع لوجه الله.

«ولذا نقل أن بعض المشايخ كان له سنور» بالفصحى سنور يعني قطة «وكان يأخذ من قصاب في جواره كل يوم شيئاً من القد» يعني اللحم الجاف «لسنوره فرأى على القصاب منكراً فدخل الدار أولاً واخرج السناور ثم جاء ووعظ القصاب وشدد عليه القول فقال: القصاب لا يأكل سنورك شيئاً بعد ذلك» بعد ما أعطيه لحم.

فقال: «ما احتسبت عليك إلا بعد إخراج السنور وقطع الطمع عنك» يعني أنا أطلقت سراح السنور جعلته يروح حتى ما أتكفل بمؤونته ولا تمن علي باللحم الذي تعطيه السنور.

ومنها الهجرة والتباعد يأتي عليه الكلام، وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين.

00:00

29

2024
| مايو
جلسات أخرى من هذه الدورة 55 الجلسة

29

مايو | 2024
  • الكتاب: مختصر جامع السعادات
  • الجزء

    01

  • 200

    الصفحة
جلسات أخرى من هذه الدورة
55 الجلسة