2 ذو القعدة 1445

11 مايو 2023

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدالله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين

اللهم كن لوليك الحجة بن الحسن صلواتك عليه وعلى آبائه في هذه الساعة وفي كل ساعة وليًا وحافظًا وقائدًا وناصرًا ودليًلا وعينًا حتى تسكنه أرضك طوعًا وتمتعه فيها طويلًا برحمتك يا أرحم الراحمين.

 الهجرة والتباعد

كان الكلام في المساوئ والموبقات التي تنشأ من قوتين أو أكثر كالقوة الغضب والقوة الشهوية معاً من هذه الآفات الهجرة والتباعد.

سؤال: ما هو سبب الهجرة والتباعد؟

الجواب: تارة السبب العداوة البغضاء، الحقد، الحسد، وهذه كلها منشأها القوة الغضبية، إذا غضب الإنسان حسد حقد أبغض عادى، هذا هو المنشأ الأول.

المنشأ الثاني البخل، البعض يبتعد عن المجتمع يهجر المجتمع لبخله، يقول: الاجتماع مع الناس فيه التزامات، أسوي عزيمة اخسر فلوس يعزموني واضطر أرد العزيمة، أعمل مراسم للزواج والميلاد هذا كله مكلف.

يا صاح ما لك والكرم

البخل طبعك من قدم

شهدت ببخلك ليلة قمراء

حمراء في سفح الهرم

والله ديكك يا أخي هضم الحديد وما انهضم

ديك هزيل الجسم تركله الجرادة بالقدم

يعني حتى الديك ضعيف مسكين من البخل

إذا الهجران التباعد إما منشأه القوة الغضبية وإما منشأه القوى الشهوية، إذا بخيل من القوة الشهوية، وإما يجتمع الأمران هذا هم بخيل وحقود، ما يعزم ما يدعوك إلى بيته أبداً، ما تشوف بيته ولا يشوفك بيته أصلاً بخيل قبضة.

في مقابل التباعد التزاور والروايات كثيرة في الحث على التزاور في الرواية «من زار أخاه المؤمن لا لحاجة منه إليه كان كمن زار الله في عرشه» هذا له أثر كبير وعظيم التزاور.

إبليس الشيطان الرجيم قد يأتي ويوسوس للإنسان، أنت لماذا تزورهم؟ أنت لست بحاجة إليهم هم الذين بحاجة إليك، أحياناً يأتي بين الإخوان فلان تركه أنا ما أنا محتاج إليه هو الذي محتاج إلي أنا مو محتاج له الله لا يحوجني إليه، هذا من تسويلات الشيطان كلنا فقراء ونحتاج إلى بعضنا البعض، وإليكم هذه القصة، هذه القصة قد تكون خيالية لكنها تكشف عن واقع:

يقال: إن مجموعة وقعوا في وادي لأكاليل اللحوم لحوم البشر وقعوا في هذا الوادي، قالوا: نأكلكم، ونستثني منكم من كان شبر كفه يصل إلى متر، قالوا: لا يوجد إنسان كفه يصل إلى متر، قالوا: لا بأس إذا أنتم بأجمعكم تبلغ مجموع أشباركم متر واحد نطلق سراحكم، إذا أقل من متر نأكلكم كلكم.

جاء الأول عظيم الجثة الكف ماله شبرين، الثاني شبر ونص، الثالث شبر، على العموم لم يصل المجموع إلى متر، قالوا: نأكلكم، قالوا: لحظة لحظة! جاء الأخير كفه مقطوعه، لكن يوجد شيء من ذراع يقوم مقام الكهف هذا الذراع يعدل سانتي مترين الناقص من المتر سانتي مترين، لما هذا جابوا الذراع أبو الكف المقصوصة المقطوعة كمل المتر، قالوا: الآن عفونا عنكم.

لما خرجوا الجبار العظيم المرباع، قال: احمدوا ربكم لو ما أنا كفي سعتها شبرين كلكم، الثاني قال: لو ما أنا شبر ونص أكلوكم كلكم، فقال المقطوع يده الذي كان يستحقر: احمدوا ربكم لو ما أنا بهالسنة مترين كملت المتر أكلوكم كلكم.

إذاً قوة المجتمع أن يستشعر كل واحد من أفراد المجتمع أنه بحاجة لأخيه وأنه يتكامل بأخيه، هذا أبو الشبرين يحتاج إلى أبو السنتي مترين، أبو السنتيمترين ما يستغني عن أبي الشبرين وأبو الشبرين لا يستغني عن أبي السنتي مترين.

أنا أكملكم وأنت تكملني، اليوم الذي استشعر أنا مستغني عنك مو محتاج إليك الله لا يحوجني إليك، أنت تقول هم الله لا يحوجني إليك، يقولون دائماً الشاة التي تتخلف عن القطيع التي تكون فريسة الذئب.

لذلك يا إخوة يا أحبة التزاور يقوي أواصر المحبة، هناك رواية عجيبة حلوة وأنتم حلوين تقول: «كثرة التنائي مسلاة الوصال» يعني كثرة التباعد تستلل الوصل والمحبة، حتى لو شخص أنت قريب منه وأنت قريب منه وحبيب إليك وحبيب.. مع الابتعاد تزول المودة وتضعف المودة.

بعد يأتي إبليس وأعوانه وشياطينه ويوسوسون، ويوشون النميمة والغيمة، فلان كذا وفلان كذا وفلان كذا لكن أنت لما تجلس وياها كل هالأوهام تزول تتبخر، فعليكم بالتزاور.

إذا أيضاً كريم صاحب سخاء يعمل عزيمة يقرب بين إخوانه، بين أرحامه، بين أحبابه هذا مطلوب، لا يصير الواحد بخيل قبضه ما يعزم، وبعضهم هم ما يجي العزيمة حتى لا يعزم من بخله، ويقول: لا أزور ولا أزار كأنما يفتخر هذا كله خطأ.

إذاً إلى هنا خلاصة الدرس: منشأ التباعد إما القوة الغضبية حقد حسد عداوة، وإما القوة الشهوية البخل، في مقابل التباعد التزاور، التزاور من شأنه أن الحقد والبغضاء.

أنا اذكر لكم قضية واقعة:

اثنين من العلماء اثنينهم فيهم شبهة الاجتهاد علماء، واحد منهم يعلمني، يقول في يوم من الأيام كنت أمام بيت الله الحرام أمام الكعبة المشرفة وبيني وبين ذاك المعمم سوء تفاهم بسبب الوشاة يشون فلان يقول عنك كذا وفلان يقول عنك كذا.

يقول: رأيته واقفاً أمام الكعبة الشريفة، فجئت إليه سلام عليكم، عليكم السلام.

قلت له: فلان وحق هذه الكعبة الشريفة أنا أحبك وكل ما نقل لك عني فهو كذب غير صحيح، وأنا أبرأ إلى الله منه.

يقول: فاحتضنني يبكي باصطلاحنا طاح الحطب، لما يصير تباعد، فلان تركه بس قالوا صدق علي تركه هذا مو أخوي تركه لا يا أخي أنت الخسران أنت الخسران.

لذلك ورد في الرواية «عدوٌ واحد كثير وألف صديق قليل»، وورد في الرواية «أعجز الناس من عجز عن اكتساب الإخوان واعجز من فرط فيمن ظفر به منهم» فاحرصوا على التوادود والتآزر.

يا إخوة أنا أقول لكم كلمتين الخلاصة خلاصة عشرتي مع الناس خلاصة عشرتي مع الناس في كلمتين: الناس كل الناس ماذا تريد شيئين؟ إن أعطيتهم هذين الشيئين ملكتهم إلا إذا كان لئيم ذاك شيء آخر، كل إنسان النقطة الأولى أن تحترمه، ثاني شيء تقضى حاجته، كفى الله المؤمنين القتال ما تريد شيء أزيد.

كل الناس تحترمه تعامله باحترام يشعر أنه محترم لا تحقره لا تهينه لا تأذيه، الشيء الثاني تقضى حاجته كل الناس هكذا.

نعم، ذاك اللئيم ذاك شيء آخر، ولكن عموم الناس هذان الأمران إن توفرا هذان يتوفران في ماذا؟ في التزاور، في التحابب، في التآلف، ويضعفان في التباعد.

نقرأ ما سطره المحقق الشيخ محمد مهدي النراقي في جامع السعادات:

«الهجرة والتباعد

ولا ريب في كونه من نتائج العداوة والحقد والحسد أو البخل، فيكون من رذائل قوة الغضب» هذا إذا نشأ من العداوة والحقد والحسد «أو الشهوة» هذا إن نشأ من البخل «وهو» يعني الهجرة والتباعد من ذمائم الأفعال، ثم يعلق مختصر الكتاب السيد محمد رضا الطباطبائي اليزدي بين قوسين يقول:

«إذا لم يكن لمانع شرعي أو خلقي» أحياناً الهجرة والتباعد لمانع شرعي هذا كافر حربي، هذا مرتد معاند واضح أو لا؟ هذا يسخر يستهزئ، ولا يجوز لي أن أعرض نفسي إلى مهانة، هنا إذا يوجد مانع شرعي مانع أخلاقي في هذه الحالة يصح التباعد، لذلك يقول:

«إذا لم يكن لمانع» إذا لم يكن يعني التباعد لمانع شرعي أو خلقي «فإن الطبع يسترق من الطبع كلا من الشر والخير كما تقدم ذكره سابقاً» يعني الإنسان إذا طبع نفسه بطبيعة، طبيعة خير أو طبيعة شر، تارة هو يبتعد لحقد وبغضاء وتصير عنده طبيعة، وتارة يبتعد لخير لأن هذا جليس سوء، فإذا تعود عود نفسه تصير عنده طبيعة وسجية، يقول:

«وعلى هذا تحمل الأخبار الواردة في ذمه» وعلى هذا يعني ماذا؟ على عدا أن التباعد لعدم وجود مانع شرعي أو أخلاقي، ذم التباعد والهجرة إذا لم توجد موانع شرعية وأخلاقية، وأما إذا يوجد مانع شرعي أو أخلاقي لا يكون التباعد مذموماً، القرآن الكريم (واعتزلكم وما تدعون من دون الله).

قال رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ : «أيما مسلمين تهاجرا فمكثا ثلاثاً لا يصطلحان إلا كانا خارجين من الإسلام ولم يكن بينهما ولاية» بين المؤمنين تكون ولاية وسلطة «فأيهما سبق الكلام لأخيه كان السابق إلى الجنة يوم الحساب».

وقال ـ صلى الله عليه وآله ـ : «لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث» يعني ثلاث ليال إلى آخر الحديث.

«ثم أنه قد أشير إلى أن ضد التباعد والهجران هو التزاور والتآلف وهو من ثمرات المحبة ثوابه أكثر من أن يحصى».

قال أبو جعفر ـ عليه السلام ـ : «إن لله عزّ وجل جنة لا يدخلها إلا ثلاثة: رجل حكم على نفسه بالحق» يعني أدان نفسه بالحق، «ورجل زار أخاه المؤمن في الله، ورجل أثر أخاه المؤمن في الله».

وقال الصادق ـ عليه السلام ـ : «من زار أخاه لله لا لغيره» يعني لا من زار أخاه لله لا لغيره يعني لا لغير الله «التماس موعد الله» يعني رجاء الحصول على ما وعده الله «وتنجز ما عند الله» يعني كي يتنجز لديه ما عند الله عزّ وجل من الثواب «وكل الله به سبعين ألف ملك ينادونه ألا طبت وطابت لك الجنة».

«والأخبار بهذه المضامين كثيرة، والسر في هذا الترغيب الشديد على تزاول المؤمنين وملاقاتهم كونه التزاور دافعاً للحسد والعداوة جالباً للتأليف والمحبة وهو أعظم ما يصلح به أمر دنياهم وعقباهم».

سؤال: لماذا التزاور يدفع الحقد والحسد والعداوة، لماذا؟

سؤال: آخر كم بين الحق والباطل؟

أربع أصابع، بين العين والأذن أربع أصابع، الحق أن ترى والباطل أن تسمع، الآن عرف الجواب أنت تسمع عن أخيك فلان قال: عنك كذا، فلان قال: عنك كذا، فلان مو زين فلان كذا تسمع عنه لما تجلس وياه تشوفه حقيقة أخرى لا هذا الذي قالوا عنه كذا وكذا هذا خوش رجال، فيصير التزاور يبعث على التآلف ويزيل الحقد والبغضاء والحسد.

لما يقعد معه أنت قلت عني كذا؟ أبدًا لا والله ما قلت هذا وشاة مغرضين طاح الحطب تعود المحبة والمودة، مو مشكلتنا ومشكلة الكثير من الناس سماعون كله يسمع ما يشوف، الحق أن ترى والباطل أن تسمع.

«ومنها قطع الرحم» قطع الرحم بعد تأتي فيه الأسباب إما من جهة القوة الغضبية وإما من جهة القوة الشهوية، من جهة القوة الشهوية بخيل ما يندي يعصر أخوه عصار تلاحظ بعضهم هو غني عنده فلوس تسد بحور وأخوه فقير ميت جوع ما يعطيه شيء، خله يعتمد على نفسه، هذا منشأ قطع الرحم البخل.

أحياناً منشأ قطع الرحم الحقد، الحسد، العداوة، البغضاء، وهذا يكون منشأ القوة ماذا؟ القوة الغضبية.

سؤال: ما المراد بالرحم؟

المراد بالرحم الذي بينك وبينه علق لحميه وإن بعدت، عندنا في الهدية يقولون: الهدية لازمة أو غير لازمة يعني إذا أهديت واحد هدية يجوز ترجعها تأخذها منه أو لا؟

يقولون: إذا هو ذوي الرحم تكون لازمة أهديته الكتاب ما تقدر تسترجعه، لكن إذا هو من غير ذي الرحم يجوز تسترجعه، إلا إذا كانت هبة معوضة يعني أهبك الكتاب مقابل أن تهبني دينار، فالهبة المعوضة لا يجوز الرجوع.

يقولون: الهبة غير المعوضة ليس في مقابلها عوض إذا كانت لذي رحم هي لازمة لا يجوز الرجوع فيها حالها حال البيع والشراء عقد لازم، والهبة غير المعوضة لذي الرحم لازمة ولغير ذي الرحم جائزة.

تهدي الكتاب مو نسيبك تقول له: ارجع، طبعاً الزوجة مختلف فهل تلحق بذي الرحم؟ فتكون لازمة أو لا تلحق بذي الرحم؟ فتكون جائزة.

المراد مطلق الرحم وإن بعد وجاز الزواج به لأن بعض الأرحام ما يجوز الزواج بهم، الأم الأخت ما يجوز لكن بعض الأرحام يجوز بنت العم بنت الخالة من نسب من بعيد كلهم يشملهم هذا الرحم.

قال:

«ومنها قطع الرحم وهو إيذاء ذوي اللحمة والقرابة أو عدم مواساتهم بما ناله من الرفاهية والثروة والخيرات الدنيوية مع احتياجهم إليه».

أنا مرة زرت واحد في إحدى البلدان بيت تعبان حول هذا البيت قصور لأعمامه كلهم ما شاء الله أغنياء ما يساعدوه وأخوهم توفى وأولاد أخوهم ما يراعونهم هذا سوء توفيق.

«وباعثه إما العداوة أو البخل والحسد فهو من رذال القوة الغضبية إن كان لعداوة أو حسد أو الشهوية إن كان لبخل، ولا ريب في كونه من أعظم المهلكات المفسدات للدنيا والدين، قال الله سبحانه: (والذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار)، وقال رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ : «أبغض الأعمال إلى الله الشرك بالله ثم قطيعة الرحم ثم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر»، وقال ـ صلى الله عليه وآله ـ : «لا تقطع رحمك وإن قطعك» إذا تقطعه لأنه قطعك تصير مثله لا فرق بينكما. نعم، هو البادي وأنت العادي.

وقال تعالى: «أنا الرحمان وهذه الرحيم شققت لها اسماً من اسمي فمن وصلها وصلته ومن قطعتها قطعت»ه لاحظ رحمن انتزع منها واقتطع منها رحم من اسم الله الرحم من اسم الرحمان.

وقال الصادق ـ عليه السلام ـ : «اتقوا الحالقة فإنها تميت الرجال، قيل: وما الحالقة؟ قال: قطيعة الرحم».

جيد ما هو ضد قطيعة الرحم؟ صلة الرحم، صلة الرحم تطيل العمر.

«ثم إن ضد قطيعة الرحم صلة الرحم وهو تشريك ذوي اللحمة والقرابات بما ناله من المال والجاه وسائر خيرات الدنيا وهو أعظم القربات وأفضل الطاعات، قال الله سبحانه: (واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً وبالوالدين إحسانا وبذي القربى واليتامى) إلى آخر الآية، وقال تعالى: (واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيباً).

وقال رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ : «أوصي الشاهد من أمتي والغائب ومن في أصلاب الرجال وأرحام النساء إلى يوم القيامة أن يصل الرحم إن كانت منه على مسيرة سنة» يعني مسافة سفر سنة، سنة يمشي في السفر إلى ذي الرحم «فإن ذلك من الدين».

وقال ـ صلى الله عليه وآله ـ : «من سره النساء في الأجل» النساء بمعنى النسيء النسيئة، ما المراد بالنسيئة؟ التأخير.

«من سره النساء في الأجل» يعني النسيئة في الأجل يعني التأخير في الأجل يعني الله يطول في عمره «والزيادة في الرزق فليصل رحمه» صلة الرحم تطيل العمر وتزيد الرزق.

وقال قال ـ صلى الله عليه وآله ـ : «إن القوم ليكونون فجرة ولا يكونون بررة فيصلون أرحامهم فتنمى أعمالهم وتطول أعمارهم فكيف إذا كانوا أبراراً برره».

وقال ـ صلى الله عليه وآله ـ : «الصدقة بعشرة عن عشر حسنات والقرض بثمانية عشر وصلة الإخوان بعشرين وصلة الرحم بأربعة وعشرين».

«ثم إن المراد بالرحم الذي يحرم قطعه وتجب صلته ولو وهب له شيء لا يجوز الرجوع عنه» لأن الهبة لازمة، المراد هو مطلق القريب المعروف بالنسب هذا من الأنساب وإن بعدت النسبة ابن عم أبو جدة أمي كأنها سبة لكن نسيبي.

«وإن بعدة النسبة وجاز النكاح لبعد النسب» يجوز النكاح بنت الخالة بنت العم.

«والمراد بقطعه أن يؤذيه بالقول أو الفعل أو كان له وشدة احتياج إلى ما يقدر عليه زيادة على قدر حاجته» هو عنده ما شاء الله بيوت وأموال ما يساعده.

«زيادة على قدر حاجته من سكنى وملبوس ومأكول أو نقود فيمنعه أو أمكنه أن يدفع عنه ظلم ظالم ولم يفعله أو هاجره غيظاً» حقداً هجره وابتعد عنه حقداً «غيظاً وحقداً من دون أن يعوده إذا مرض أو يزوره إذا قدم من سفره وأمثال ذلك فإن جميع ذلك وأمثالها قطع للرحم».

قطع الرحم إذا تعمد يعني هو يصدق عليه قطع رحم، قطع رحم إذا كان قادر علم أنه محتاج وما ساعده، لذلك يقول السيد محمد رضا الطباطبائي اليزدي بين قوسين يقول:

«الظاهر اختصاص القطيعة فيما بما ذكره الفاضل ـ قدس سره ـ من كونها ناشئة من الهجران والحقد» الفاضل النراقي، الشيخ محمد مهدي النراقي في جامع السعادات.

«فلا تحصل» يعني قطيعة الرحم بترك العيادة أو الزيارة إذا لم يكن سببهما الهجران والحقد «بأن كان لأسباب أخرى كالغفلة أو الجهل بالمرض أو القدوم من السفر» يعني أو الجهل بالقدوم من السفر «وغيره من أسباب الزيارة واللقاء أو مانع شرعي منع من ذلك أو غير ذلك من الأمور التي يكون فيها معذورة عند الله تعالى» عنده عذر شرعي هذا ما يصدق عليه أنه قاطع للرحم.

«وأضدادها من دفع الأذية عنه ومواساته بماله وزيارته وإعانته باللسان واليد والرجل وغير ذلك الصلة».

سؤال: هل توجد واسطة بين القطع والصلة؟ واحد يصل أرحامه وواحد يقطع أرحامه، توجد واسطة هذا لا وصل ولا قطع.

نعم، توجد.

ما هي هذه الواسطة؟

لاحظوا جيداً الإحسان إلى الرحم إذا كان الرحم مو محتاج إلى إحسان هو غني تعطيه هدية إحسان إليه، هنا إذا ما عطيته الهدية ما أحسنت إليه وهو غير محتاج هنا لا يصدق عليك أنك وصلته ولا يصدق عليك أنك قد قطعته.

إذاً يوجد واسطة بين صلة الرحم وقطع الرحم، أين تكمن الواسطة؟ في عدم الإحسان إلى الرحم، إذا كان الرحم ليس بحاجة إلى الإحسان، لكن المحسن بحاجة إلى الإحسان بحاجة إلى الثواب أن يحسن إلى أرحامه.

يقول: «ثم الظاهر تحقق الواسطة بين القطع والصلة» بين قطع الرحم وصلة الرحم «إذ كل إحسان ولو كان مما لا يحتاج إليه قريبه» القريب ما يحتاج إلى الإحسان قد يكون غنياً لا يحتاج إلى الإحسان.

«وهو محتاج إليه» وهو يعني المحسن محتاج إليه، محتاج إلى الإحسان لأنه محتاج إلى الثواب.

«يسمى صلة» هنا هذا المحسن لو أحسن، يقال له: وصل رحمه، أعطى قريبه الغني أعطاه هدية يصدق على أنه وصل رحمه.

«وعدمه لا يسمى قطعاً» يعني وعدم الإحسان إلى القريب الذي لا يحتاج إلى الإحسان لا يسمى قطعاً لا يسمى قطع رحم لأن الرحم ليس بحاجة إلى هذا الإحسان.

هذا تمام الكلام في قطع الرحم، ومنها عقوق الوالدين، يأتي عليه الكلام، وصلى الله على محمدٍ وآله الطيبين الطاهرين.