مختصر جامع السعادات
شیخ الدقاق

55 - عقوق الوالدين

مختصر جامع السعادات

  • الكتاب: مختصر جامع السعادات
  • الجزء

    01

  • الصفحة  

    200

29

2024 | مايو

16 ذو القعدة 1445

25 مايو 2023

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدالله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين

اللهم كن لوليك الحجة بن الحسن صلواتك عليه وعلى آبائه في هذه الساعة وفي كل ساعة وليًا وحافظًا وقائدًا وناصرًا ودليًلا وعينًا حتى تسكنه أرضك طوعًا وتمتعه فيها طويلًا برحمتك يا أرحم الراحمين.

دروس أخلاقية

كتاب مختصر جامع السعادات

تدريس: الشيخ عبد الله الدقاق

 عقوق الوالدين

عقوق الوالدين من أشد أنواع قطيعة الرحم، قلنا فيما سبق أن قطيعة الرحم إما أن يكون منشأها القوة الغضبية وإما أن يكون منشأها القوة الشهوية، قد يقطع الإنسان رحمه لحقد أو حسد أو عداوة وهذا منشأه القوة الغضبية، وقد يقطع رحمه لبخل أو شحٍ فيكون منشأه القوة الشهوية.

كذلك عقوق الوالدين، عقوق الوالدين قد يكون منشأه القوة الغضبية بينه وبين أبوه وأمه حسد، حقد، عداوة، فيعقهما ويؤذيهما أو يتركهما، وقد يكون منشأه البخل ما يريد يصرف على أبوه وأمه يتركهم.

فمنشأ عقوق الوالدين قد يكون من القوة الشهوية وقد يكون من القوة الغضبية، وقد يكون من كلا الأمرين، يجتمع هم عنده عداوة وحسد وبغضاء، وأيضاً عنده بخل.

لا بأس أن نذكر لكم هذه القصة وقعت في العراق منذ سنين:

والدان أنجبا ولداً تعبا عليه، ذهب إلى الخارج، ودرس وتخرج ورجع البلد، وأصبح مسؤولاً كبيراً، فتنكر لوالديه.

أتزوج وأنجب أولاد وترك أبوه وأمه.

في ليلة مع شدة البرد القارس والمطر الشديد وإذا بالباب يطرق. نعم، خرج الولد: نعم.

فقال الطارق: قل لأبيك إن أباك وأمك ينتظرانك على الباب، لا مأوى لهما لعلك تؤيهما في هذا الطقس.

الحفيد ما يعرف جده وجدته، جاء إلى أبيه، قال: أبى هناك شخص يدعي أنه أبوك وامرأة تدعي أنها أمك ولا مأوى لهما، جاءك يستنجدانك.

فقال يا ولدي: ادخلهما إلى السرداب ـ الطابق الأرضي ـ وخذّ هذه البطانية ودثرهما بها.

الولد كان نبيه ذكي، قال: ولكن يا أبا أحتاج إلى مقص.

قال: ولما؟

قال: أريد أن انصف هذه البطانية نصفين: نصف لأبيك وأمك، ونصف لك إذا كبرت ولجأت إلي ادثرك بهما.

اهتز الأب، التفت إلى أنه قد تنكر لوالديه.

كما تدين تدان.

وعقوق الوالدين لا يختص بحياتهما، يختص يشمل حتى موتهما، إذا أنت تعمل المناكر وتأذي الناس يلعنون أبوك وأمك، توصل اللعنة إلى أبوك وأمك، وإذا أنت تعمل الخير يوصل إلى أبوك وأمك.

نحن الآن في حوزة الأطهار بجوار مدرسة أستاذنا الميرزا جواد التبريزي ـ رحمه الله ـ جاء في المنام إلى أهله قال: قولوا لولدي فلان أن يواظب على هذا العمل فإنه يأتيني نصيب منه، يُوصل العمل إلى الميت.

رحمة الله على المرجع الكبير السيد عبد الهادي الشيرازي ـ رحمة الله عليه ـ هو تلميذ المجدد الميرزا محمد حسين النائيني أستاذ السيد الخوئي.

السيد عبد الهادي الشيرازي في مجلس الدرس يقول: قال أستاذنا الميرزا النائيني ـ قدس سره ـ يقول: رأيت في المنام أستاذي في المنام، قال لي: يا سيد عبد الهادي ترحم علي هذه قدس يسره ما تفيدني، أنا في قبري في البرزخ أحتاج تترحم علي، قل: رحمة الله عليه.

يقول البعض لكن السيد عبد الهادي الشيرازي قال: قال أستاذنا الميرزا النائيني رحمة الله عليه وقدس سره جمع بين الأمرين.

عموماً عقوق الوالدين كما يكون في حياتهما أيضاً يكون في مماتهما، وفي مقابل العقوق البر بر الوالدين كما يكون في حياتهما أيضاً يكون في مماتهما بالمواظبة على زيارتهما، روح الميت تأتي عند قبره إذا تزور يراك إذا تعمل أعمال الخير: تقرأ له القرآن، تدعو له أعمال البر تهديها له، تتصدق عنه نيابة عنه، تقرض الناس، تقوم بأعمال وتهدي ثوابها إلى الوالدين.

بعض الروايات إن العبد ليكون باراً بوالديه في حياتهما فيكتب عاقاً لهما بعد وفاتهما، فعليكم ببر الوالدين.

برّ الوالدين من موجبات التوفيق.

انظروا إلى قائد الثورة الإسلامية في إيران ولي أمر المسلمين سماحة آية الله العظمى السيد علي الحسيني الخامنئي ـ حفظه الله ـ هو يقول: أنا إن وفقت في حياتي فسر توفيقي مرجعه إلى برّ الوالدين.

ذهب إلى النجف الأشرف للدراسة بقي سنة إلى سنتين ارسل له والده السيد جواد الخامنئي: ارجع يا ولدي أنا لا أقدر على فراقك، فرجع إلى مشهد، كان رغبته أن يبقى بالنجف الأشرف، ثم بعد ذلك جاء إلى مدينة قم المقدسة للدراسة فمرض والده بمرض في عينيه وأصيب بالعمى، وجاء إلى طهران لكي يتعالج عن عينيه، فارسل إلى ولده السيد علي: يا ولدي أنا أنس بك أترك قم وصاحبني في طهران فترة العلاج.

يقول السيد الخامنئي ـ حفظه الله ـ قلت: لأحد أصحابي أنا دنياي وآخرتي قم، كيف أستطيع أن أترككم واذهب إلى طهران؟!

يقول: فقال لي صاحبي: إن الله عزّ وجل الذي جعل دنياك وآخرتك في قم أليس بقادر على نقل دنياك وآخرتك إلى طهران؟! اذهب وبرّ بأبيك.

فذهب إلى طهران، أجريت العملية لوالده أبصر النور استطاع أن يقرأ، قال له: يا ولدي الآن تستطيع الرجوع إلى قم.

يقول: أنا نلت البركات بعد بري بوالدي.

بر الوالدين له ماذا؟ أثر كبير، والعكس بالعكس دعاء الولد والوالدة على ولدهما له تأثير ومستجاب، لذلك احرصوا على برّ الوالدين وتجنبوا عقوق الوالدين.

قال المحقق النراقي ـ رحمه الله ـ بهذا الكتاب مبادئ الأخلاق اختصار السيد محمد رضا الطباطبائي اليزدي صفحة مئة واثنين وأربعين:

«ومنها عقوق الوالدين» ومنها يعني ومن المساوئ التي منشأها القوة الغضبية والقوة الشهوية، عقوق الوالدين.

«وهو أشد أنواع قطيعة الرحم» لماذا أشد أنواع قطيعة الرحم؟ لأن أقرب ناس إلى الدم الأب والأم.

«وهو أشد أنواع قطيعة الرحم إذا خصّ الأرحام وامسها ما كان بالولادة فيتضاعف تأكيد الحق فيهما، فهو كقطيعة الرحم.

إما أن يكون ناشئاً من الحقد أو الغيظ، أو من البخل وحبّ الدنيا، فيكون من رذائل إحدى قوتي الغضب والشهوات».

جاء رجل إلى النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ قال: أنا أقرضت والدي قرضاً ولم يؤده، فقال له النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ : «اذهب أنت ومالك لأبيك» بعضهم يقاضي أبوه يسجن أبوه ما دفع الفلوس.

هناك خصوصية للأب أكثر من الأم، الأب لا يقاد بابنه يعني الأب إذا يقتل ابنه لا يقتل، الابن إذا يقتل أبوه يقتل، الأم إذا تقتل ابنها تقتل، الأب إذا يقتل ابنه ما يقتل.

اثنين الأب يحق له أن يأخذ ربا على ولده والولد ما يحق له يأخذ ربا على أبوه، لا ربا بين الوالد وولده، يقول: هذه مئة دينار ترجعها مئة وخمسين دينار يجوز إلى الأب أن يأخذ على الابن، لكن الابن ما يجوز له أن يأخذ ربا على الأب.

هناك خصوصيات للأب أكثر من الأم، نعم في البر من أبر؟ الأم، الأم مقدمة.

«ثم جميع ما يدل على ذمّ قطيعة الرحم يدل على ذمّ العقوق ولكونه أشد أنواع القطيعة وأفظعها وردت في خصوص ذمه آيات وأخبار كثيرة كقوله تعالى: (وقضى ربك إلا تعبد إلا إياه وبالوالدين إحساناً)» لاحظ عظمة الأب والأم بعد عبادة الله جاء الأمر بالإحسان إليهما يعني أول أمر بعد عبادة الله الإحسان إلى الوالدين.

لاحظ الآية (وقضى ربك) بماذا قضى؟ أول شيء إلا تعبدوا إلا إياه، والقضاء الثاني (وقضى بالوالدين إحسانا)، والإحسان غير العدل، العدل وضع الشيء في موضعه أما الإحسان التفضل، لذلك نقول: إلهي عاملنا بفضلك ولا تعاملنا بعدلك، يعني يا رب عاملنا بإحسانك وبفضلك وإلا إذا مع العدل يمكن ندخل النار لكن بلطفك وكرمك ندخل الجنة إن شاء الله، الأمر بالاحسان إلى الوالدين وليس العادل بين الوالدين الإحسان إليهما.

(إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أفٍ ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريما) لو كان هناك درجة أدنى من الأف لقالها الله تبارك وتعالى، هذه أف كناية عن أدنى درجات العقوق، يطلب منك طلب تقول: أف، هذا يؤذيه، تجنبه فما فوقه.

وعن أبي جعفر ـ عليه السلام ـ قال: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ في كلام له: «إياكم وعقوق الوالدين فإن ريح الجنة توجد من مسيرة ألف عام ولا يجدها عاق ولا قاطع رحم ولا شيخ زانٍ ولا جار إزاره خيلاء، إنما الكبرياء لله ربّ العالمين» المراد بالإزار اللباس يعني لباسه خيلاء، الخيلاء العجب، الخيلاء لباس عزّ وجل رداء الله، الله هو المتكبر فهذا، «ولا جار» يعني هذا الجار يتكبر على جاره يتنفخ على جاره.

«ولا جار إزاره خيلاء» يعني هذا الجار يلبس لباس الكبرياء أمام جاره يترفع عليه، هذا ما يدخل الجنة.

في رواية مات أحد المسلمين فجيبي به إلى النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ وأمة موجودة، قال: «احرقوه»، قالت أمه: لا لا لم تحرقوه؟! قال: «أنت غير راضية عنه، إذا أنت غير راضية عنه ودفناه سيحترق، فاعف عنه»، قالت: «عفوت عنه».

النبي أراد ينبه الأم إلى ضرورة أن ترضى عن ابنها وإلا ما يجوز حرق المسلم، المسلم كرامته، الميت المسلم دفنه النبي أراد ينبه الأم إلى ضرورة أن تعفو عن ولدها.

وعن أبي جعفر ـ عليه السلام ـ قال: «إن أبي» أبو جعفر من هو؟ الإمام الباقر، «إن أبي كان» الإمام السجاد، «نظر إلى رجل ومعه ابنه يمشي والابن متكئ على ذراع الأب»، قال: «فما كلمه أبي مقتاً له حتى فارق الدنيا» عجيب! روايات ما تتقدم على الأب في المشي وفي الكلام.

وقال الصادق ـ عليه السلام ـ : «لو علم الله شيئاً هو أدنى من أفٍ لنهى عنه» وهو من أدنى العقوق ومن العقوق أن ينظر الرجل إلى والديه فيحد النظر إليهما» يعني نظرة حادة هذا أيضاً من العقوق.

«وسئل الكاظم ـ عليه السلام ـ عن الرجل يقول لبعض ولده: بأبي أنت وأمي، أو بأبي أنت أترى بذلك بأساً؟! فقال: إن كان أبواه حيين فأرى ذلك عقوقاً» يعني يقول لولده: أنا أفديك بأبي وأمي، هذا عقوق يعني أبوه حي يفديه، يعني يقتل أبوه وأمه من أجل الولد، يقول: هذا فيه بأس.

«وإن كانا قد ماتا فلا بأس» أنه ميتين بعد كيف بيفديهم بالأب والأم لا بأس.

«وقد ثبت من الأخبار والتجربة أن دعاء الوالد على ولده لا يرد ويستجاب البتة» البتة يعني قطعاً، «ودلت الأخبار على أن من لا ترضى عنه أمه تشتد عليه سكرات الموت وعذاب القبر وكفى للعقوق ذماً أنه ورد في الإسرائيليات» يعني أخبار بني إسرائيل «أنه تعالى أوحى إلى موسى ـ عليه السلام ـ أنه من بر والديه وعقني كتبته باراً» يعني كرامة لبره بوالديه اجعله من البارين بالله «ومن برني» برّ الله «وعق والديه كتبته عاقاً».

هذا مضمون أنه الله عزّ وجل يتنازل عن حقه لكن ما يتنازل عن حقوق الناس، حذاري حذاري الذنب الذي تتعلق بحقوق الناس الله ما يغفر إليك إلا إذا هم تنازلوا، ولكن الحقّ المختص بالله الله عزّ وجل رحمته واسعة يتجاوز عنه.

«ثم إن ضد العقوق برّ الوالدين والإحسان إليهما، وهو من أفضل القربات وأشرف السعادة، ولذلك ورد ما ورد من الحث عليه والترغيب إليه، قال سبحانه: (واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا)، وقال تعالى أيضاً: (واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً وبالوالدين إحساناً).

وعن أبي عبد الله ـ عليه السلام ـ» يعني بعد التوحيد جاء برّ الوالدين.

عن أبي عبد الله ـ عليه السلام ـ إن رجلاً أتى إلى النبي، فقال: «يا رسول الله أوصني»، فقال ـ صلى الله عليه وآله ـ : «لا تشرك بالله شيئاً وإن حرقت بالنار وعذبت وقلبك مطمئن بالإيمان».

الشيء الثاني لاحظ بعد التوحيد وعدم الشرك، الشيء الثاني قال: «ووالديك فأطعهما وبرهما حيين كانا أو ميتين، وإن أمراك أن تخرج من أهلك ومالك فافعل فإن ذلك من الإيمان».

وقال أبو عبد الله ـ عليه السلام ـ : «إن رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ أتت أخت له من الرضاعة، فلما نظر إليها سرّ بها وبسط ملحفته لها فاجلسها عليها، ثم اقبل يحدثها ويضحك في وجهها، ثم قامت فذهبت وجاء أخوها فلم يصنع به ما صنع بها.

فقيل له: يا رسول الله صنعت بأخته ما لم تصنع به وهو رجل؟!

فقال: لأنها كانت أبر بوالديها منه».

وقال له ـ عليه السلام ـ الإمام الصادق رجل: «إن لي أبوين مخالفين» يعني من أهل السنة ليسوا شيعة، فقال: «برهما كما تبر المسلمين ممن يتولانا» يعني كما تبر الشيعة أيضاً تبر هذا الوالد والوالدة من أهل السنة.

«وفي معناها أخبار أخر وبالجملة إطاعتهما واجبة وطلب رضاهما حتم فليس للولد أن يرتكب شيئاً من المباحات والمستحبات بدون إذنهما» يصوم وهم ليسوا راضيين صيام مستحاب ما يجوز له لابد من أخذ إذن الوالدين.

«إلا إذا كان في طلب علم الفرائض وأصول العقائد» فرائض يعني الأحكام الشرعية، لكن الأحكام الشرعية الواجبة المفروضة، يعني التي يجب عليه أن يتعلمها مثل: الشكوك في الصلاة، إذا كانت محل ابتلاء.

«وأصول العقائد» ليس كل العقائد، أصول العقائد، أصل التوحيد والعدل والنبوة والإمامة والمعاد ويوم القيامة، «ولم يكن في بلده من يعلمه ولو كان في بلده من يعلمه لم تجز المسافرة» ما يجوز له السفر.

إلى هنا تكلم النراقي المحقق النراقي عن عقوق الوالدين، أول شيء تكلم عن قطيعة الرحم من باب الكلام يجر الكلام ومن أبرز الأرحام الوالدين، عقوق الوالدين، ثم انطلق إلى أذية الجار، وحسن الجوار، وسوء الجوار.

سؤال: من هو الجار الحسن؟

الرواية تقول: الجار الحسن ليس هو الجار الذي يحسن إلى جاره فقط، الجار الحسن هو الجار الذي يصبر على أذية جاره، وإلا الإحسان مطلوب إلى الجميع جار أو غير جار، الإحسان إلى الناس، الإحسان إلى المسيء مطلوب جار أو غير جار، الجار الحسن الذي يصبر على أذية جاره لأن من يعني الجوار يصير فيه احتكاك، اصطدام الأولاد كذا، الزوجات.. فقد يحصل أذى فيصبر على أذية الجار، هذا هو الجار الحسن.

وهنا مفهوم حسن الجوار لم يؤخذ به الإسلام قد يكون جارك مسيحي أو يهودي أو كافر.

سؤال: إلى أين يمتد الجوار؟ بعض الروايات تقول: إلى أربعين دار أربعين بيت من الجهات الأربعة يمين وشمال وأمام وخلف، والمدار على الصدق العرفي عرفاً هذا يعد جار أو لا يعد جار هذه خلاصة الكلام في الجيرة.

لذلك إذا جارك مسلم ومن أرحامك تجتمع ثلاث خصوصيات: أولاً هذا أخوك، ثانياً مسلم، ثالثاً جار، قال: «ثم إن حقّ الجوار قريب من حقّ الرحم، إذ الجوار يقتضي حقاً وراء» يعني غير وراء بمعنى غير «غير ما يقتضيه أخوة الإسلام فيستحق الجار المسلم ما يستحقه كل مسلم وزيادة، فمن قصر في حقه عداوة أو بخلاً فهو أثم» عداوة من جهة القوة الغضبية، بخلاً من جهة القوة الشهوية.

قال رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ : «الجيران ثلاثة: فمنهم من له ثلاثة حقوق: حق الجوار وحق الإسلام وحق القرابة، ومنهم من له حقان: حق الإسلام وحق الجوار، ومنهم من له حق واحد، الكافر له حق الجوار».

«ثم إن معرفة الجوار موكولة إلى العرف فأي دار يطلق عليها الجار عرفاً يلزم مراعاة حقوق أهلها والمستفاد من بعض الأخبار أن كل أربعين داراً من كل من الجوانب الأربعة جيران، ثم لا ينحصر حقّ الجار في مجرد كف الأذى» أن ما تأذيه أو تحسن إليه «إذ ذلك يستحقه كل أحد» كل أحد يستحق أن ما تأذيه وتكف الأذى.

«بل المراد به الصبر على أذاه وإيكال ذلك إلى الله عزّ وجل كما ورد في الخبر» يقول: الله يغفر له، نحن نصبر الله يغفر له، دائماً القمامة يخليها أمام بيتنا أمام باب بيتنا يأذينا الله يغفر له.

«لابد من الرفق وإهداء الخير والمعروف إليه» إلى الجار، أمير المؤمنين في وصيته في آخر لحظات حياته: «الله الله في جيرانكم» ثم يقول: «وما زال يوصينا بالجار حتى ظننا أنه سيورثه»، يقول: «والجار وصية نبيكم».

جيد «لا بد من إهداء الخير والمعروف إليه» إلى الجار «وتشريكه فيما يملكه وفيما ويحتاج إليه من المطاعم، وينبغي أن يبدأه بالسلام» يعني يشوي وما يوديه إلى جاره والجار يشم ريحة الشواء والأولاد.

«وينبغي أن يبدأه بالسلام ولا يطيل معه الكلام» هذا إذا يومياً من يشوفه وقفه ساعة نص ساعة يقول: أوه هذا بجيب لي قصة حياتي ما يخليني إن شاء الله ما اشوفه ما يطول وياه «ولا يطيل معه الكلام ولا يكثر عن حاله السؤال» ها شو أحوالك؟ شو أحوال بطنك؟ شو أحوال ظهرك..؟! يقول هذا يدوخ، يقول: الله يخلصنا منه هذا يومياً يأذينا بأسئلته.

«ولا يكثر عن حاله السؤال» يسأل عن أحواله لكن لا يكثر، «ويعوده في المرض، ويعزيه في المصيبة، ويقوم معه في العزاء» في مجالس العزاء هو يعني من أهل العزاء يصير، أهل المصيبة «إن لم يكن من قراباته من يفعل ذلك معه» إذا هذا ما عنده أقرباء هو يقف.

واقعاً هذا مطلوب يعني أتذكر زواجي قبل خمسة وعشرين سنة تقريباً كنت هنا الوحيد يعني يتيم لا أب ولا أم، جاء جارنا وقف يعني ادخل السرور على قلبي ـ رحمة الله عليه ـ جدّ الشيخ عيسى الجزيرة حج أحمد الجزيرة هو جاء وقف، يتيم لا أب ولا أم وفي غربة شوف هذا الجار سدّ مسد الخبر، مكان الأقرباء.

كذلك في العزاء إذا في مجلس عزاء وما عنده أحد من أهله الجار يقف رحمة الله على أمواتنا وأمواتكم جميعاً.

«ويهنئه في الفرح، ويصفح عن زلاته، ويستر ما اطلع عليه من عوراته، ولا يضايقه في وضع الجزع على جداره» المعروف في هذا الزمان بالشالمان هاي صار تعريف بالأخفى الشلمان جذع يعني إما تضع الخشب على جدار داره أو الجذع في الزمن الأول جذع الذي هو ماذا؟ جذع النخلة، وهزي لك بجذع النخلة، ساق النخلة يقال له: جذع، هذا سطوانة كبيرة أنت تخليها على باب تخليها على جدار يمكن ينهدم الجدار ماله تأذيه في ذلك الزمن كان متداول أنه يوم الأسطوانات من هذه الجذور فلا تضع هذه على داره في زمنا مكان هذا لا توقف سيارتك أمام باب بيتهم أو طبيلتهم والگراج ما لهم تأذيهم.

«ولا في صب الماء في ميزابه» الميزاب هو مجرى الماء، معروف الميزاب، يعني لما يسقط المطر يجري الماء، هذا بس شغلته يكب الماء حتى الميزاب ماله يطيح الماي ويصير أمام باب بيتهم كله نقعة ماي.

«ولا في طرح التراب في فنائه» الفناء أمام الدار يترك غبار.

«ولا يمنعه مما يحتاج إليه من الماعون» يحتاج إلى معونته يحتاج إلى أرز، يحتاج إلى من يساعده في صيانة إلى آخره يكون نعم العون له.

«وقد تقدم معنى ما ورد فيه من الخبر، ويغض بصره عن حرمه، ولا يغفل عن ملاحظة داره في غيبته» إذا سافر هو يقوم بشؤون العائلة «ويتلطف لأولاده في كلمته ويرشده إلى ما يصلحه من أمر دينه ودنياه» يكون نصوح.

«وإن استعان به في أمر أعانه، وإن استقرضه» يعني طلب منه قرض اقرضه، «ولا يستطيل عليه بالبناء فيحجب عنه الريح إلا بإذنه» يرفع الآن في إيران لازم إجازة الجار، البلدية ما تعطيك إجازة ارتفاع إلا جارك يوافق ويوقع، هذا من الآداب أنه ما ترفع أنت تمنع عنه إذا ترفع البناء ما تدخل عليه الشمس ما تدخل عليه الريح.

«وإذا اشترى شيئاً من لذائذ المطاعم، وطرفها فليهدي له، وإن لم يفعل فليدخلها بيته سراً» خليها في كيس أسود وما لها ريحة وما تنشم ولا إلى آخره.

«ولا يخرج بها أولاده حتى يطلع عليها بعض أولاد جاره فيشتهي» والله مشتري حلاوة إلى أولاده يعطيهم ويقول لهم: يلا اطلعوا حتى يشوفوا لكم أولاد الجار ويتحسروا «وينكسر لذلك خاطره» خاطر الأولاد.

«ومنها طلب العثرات» يأتي عليه الكلام، وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين.

في الرواية عن الرضا ـ عليه السلام ـ : «عرفوا الناس محاسن كلامنا فإن الناس لو عرفوا محاسن كلامنا لاتبعونا» الكثير من هذه الأمور مجهولة مع أنها مسطرة في الكتب.

00:00

29

2024
| مايو
جلسات أخرى من هذه الدورة 55 الجلسة

29

مايو | 2024
  • الكتاب: مختصر جامع السعادات
  • الجزء

    01

  • 200

    الصفحة
جلسات أخرى من هذه الدورة
55 الجلسة