16 شوال 1445

25 أبريل 2023

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدالله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين

اللهم كن لوليك الحجة بن الحسن صلواتك عليه وعلى آبائه في هذه الساعة وفي كل ساعة وليًا وحافظًا وقائدًا وناصرًا ودليًلا وعينًا حتى تسكنه أرضك طوعًا وتمتعه فيها طويلًا برحمتك يا أرحم الراحمين.

أهمية التوسل وأثره

بسم الله الرحمن الرحيم قال الله تعالى في محكم كتابه الكريم وخطابه المجيد: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إليه الْوَسِيلَةَ﴾ آمنا بالله صدق الله العلي العظيم.

الإنسان في خضم الحياة عنده حاجات قد تحيط به المشاكل، فما هي الطرق والآليات والوسائل التي يستعين بها لحل مشاكله؟

هناك عدة طرق مألوفة ومعروفة أهمها بين الناس ثلاثة أشياء:

الأول التفكير.

الثاني الاستشارة.

الثالث الاستخارة.

بعض الناس يقول: أنا دائماً في حياتي وفي مختلف خطواتي أقوم بثلاثة أمور: «افكر ـ استشير ـ استخير» عنده مشكلة تتعلق بعلاج، تتعلق بإنفاق، وما شاكل ذلك..

أول خطوة يفكر يعمل تفكيره يدرس مختلف الحيثيات في المسألة والمشكلة.

ثاني خطوة يستشير ما خاب من استشار، وفي الرواية عن أمير المؤمنين ـ عليه أفضل صلوات المصلين ـ : «من شاور الرجال شاركهم في عقولهم، ولا عقل كالمشاورة».

وفي الرواية «حفظ التجارب عقل مستحدث» يعني الإنسان لما يمر بتجربة ويتعلم منها ويحتفظ بهذه التجرب والنتائج والثمار التي حصل عليها هذا عقل جديد يضاف إلى عقله، فكيف بتجارب الآخرين؟!

لذلك في علم الإدارة الحديث يقولون مفهوم «جرب نفسك» هذا غير صحيح هذا فيه إهدار إلى الوقت والأموال والأعصاب، بل الصحيح أن تتعلم من تجارب الآخرين ولا تبدأ من الصفر بل تبدأ من حيث انتهى الآخرون.

إذاً أول خطوة تفكر.

ثاني خطوة تستشير ولا تقتصر في تفكيرك على نفسك فتكون كالنملة التي ترى العالم من خلال الغار الذي تعيش فيه كأنما العالم كله هذا الغار الذي تعيش فيه هذه النملة.

الخطوة الثالثة الاستخارة، والهمزة والسين والتاء في اللغة العربية بمعنى الطلب استحمام أي طلب الحمام أي طلب المشورة، استخارة أي طلب الخير، طلب الخير من الله عزّ وجل.

والاستخارة أنواع استخارة بالقرآن الكريم، استخارة بالسبحة وروايتها أقوى من روايات الاستخارة بالقرآن الكريم، أقوى الروايات في استخارة ذات الرقاع وكيفيتها موجودة في الباقيات الصالحات الملحق بكتاب مفاتيح الجنان للمحدث الكبير الشيخ عباس القمي.

وتوجد استخارة قلبية أن تصلي على محمد وآل محمد وتتأمل هنيئة وتنظر إلى قلبك إلى أي كفه يميل، استخارة قلبية.

مثال: شخص أراد يتزوج هذا المورد جيد أو ليس بجيد؟ أو فتاة أقبل إليها خاطب تقبل أو ما تقبل؟ تأتي هذه الخطوات الثلاث:

الخطوة الأولى التفكير تدرس وضعية الخاطب يدرس وضعية الفتاة تناسبه ما تناسبه، تناسب ظروفه الاجتماعية والعائلية.

الخطوة الثانية الاستشارة يستشير أصحاب التجربة والخبرة.

الخطوة الثالثة الاستخارة طلب الخير من الله، لأن الإنسان قد يفكر ويعمل فكرة تغيب عنه بعض الأشياء هذه الأشياء يشار إليها في الاستخارة لأنك مهما اعملت فكرك وعقلك فأنت ناقص وقاصر تحتاج إلى طلب الخير من الله.

هذه ثلاث خطوات معروفة بين الناس التفكير والاستشارة والاستخارة، هناك طريق رابع ما نريد نقول: فرط صوتي كالصواريخ الفرط صوتية أسرع من الضوء مو بعد الصوت، وهو: التوسل.

(يا أيها الذين آمنوا اتقوا) والتقوى اجتناب الذنوب من الوقاية وقاية الذنوب، (وابتغوا إليه الوسيلة) الله عزّ وجل جعل وسائل يتوسل من خلالها إليه بالنبي وآله ـ عليهم السلام ـ .

أحياناً الإنسان يستغرق وقتاً كبيراً في التفكير والاستشارة والاستخارة ويعمل دراسات وأسفار ورحلات وفي لحظة توسل يقطع هذا الشوط بأكمله، في الرواية «من أعطي الدعاء أعطي الإجابة، ومن أعطي الشكر أعطي بالزيادة، ومن أعطي التوكل أعطي الكفاية» فاسعى أن تحوز هذه الأمور الثلاثة أن تكون دعاء أي كثير الدعاء، وأن تكون شاكراً وأن تكون من المتوكلين على الله حتى تعطى الإجابة والزيادة والكفاية.

بعض الروايات تقول: «الدعاء يرد القضاء المبرم إبراماً» أنتم تعرفون أنه هناك أجل محتوم وأجل مخروم، الأجل المخروم يعني قابل للتغيير، وهناك أجل محتوم حتمي غير قابل للتغيير، القضاء هناك قضاء حتمي وهناك قضاء غير حتمي، ولكن الدعاء والتوسل يؤثر حتى في القضاء الحتمي، ولنختم بهذه القصة:

سئل المرجع الكبير السيد محمد الحسيني الشاهرودي ـ رحمه الله ـ ابن المرجع الكبير السيد محمود الحسيني الشاهرودي ـ رحمه الله ـ .

السيد محمود الكبير الشهارودي متزوج بنت سماحة آية الله الشيخ محمد الفاضل النيشابوري، السيد محمد الشاهرودي أخ السيد حسين الشاهرودي السيد علي الشاهرودي.

سئل في مقابلة هل تحتفظ بخاطرك بجدك لأمك الشيخ محمد فاضل النيشابوري؟

قال: نعم.

قال: جدي الشيخ الفاضل كان من المواظبين على زيارة الحسين في كربلاء، في يوم من الأيام كان في كربلاء ورأى رؤية في المنام قبيل الفجر، رأى أنه دخل حرم أبي الفضل العباس ـ رزقنا الله وإياكم الوصول ـ .

يقول: رأيت أبا الفضل العباس وقد جلس متربعاً على ضريحه، وقد جاءته امرأة تتوسل به إلى الله عزّ وجل في شفاء ولدها، هذه المرأة كان عندها إصرار غريب عجيب لم تبارح قبر أبي الفضل العباس.

يقول: رأيت أبا الفضل العباس وقد كلم أحد ملائكة الله، وقال له: اذهب إلى رسول الله واطلب منه نشفي هذا الولد.

فذهب الملك إلى رسول الله ورجع، فقال: يا أبا الفضل العباس هذا الولد أجله محتوم وليس مخروماً، انقضى أجله.

لكن المرأة أصرت ولم تبارح قبره أبو الفضل العباس.

ثم مرة ثانية نادى أبو الفضل العباس الملك، وقال له: اذهب مرة ثانية إلى رسول الله واطلب منه أن يشفي هذا الولد.

ذهب الملاك ورجع، قال: يا أبا العباس هذا الولد انقضى أجله لابد أن يموت هذا من الأجل المحتوم، لكن المرأة لم تبارح قبر أبو الفضل العباس.

يقول الشيخ الفاضل: رأيت بأم عيني أبو الفضل العباس وقد اتكأ على ركبته كأنما يريد أن يمشي أن يقوم، قال: اذهب إلى رسول الله، وقل له: إما أن يشفى هذا الولد أو ينزع مني لقب باب الحوائج، هذه المرأة أذتني أزعجتني بإلحاحها.

يقول: ذهب الملك ثم رجع.

قال: يا أبا الفضل تم الأمر أطال الله في عمر الولد ولتحتفظ بلقب باب الحوائج.

يقول الشيخ النيشابور: استيقظت، يقول: وجدت أن جارتنا وولدها مريض مشرف على الموت فلاذت بقبر أبي الفضل العباس ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ ، وقالت: لا أبارح قبر أبي الفضل العباس إلى الصباح، اصلي صلاة الصبح وارجع.

صلت صلاة الصبح رجعت، قيل لها: إن الله عزّ وجل قد أحيا ولدك وإن هذا الولد شفاه الله وأصبح معافاً سليماً.

هذه أهمية التوسل، هذه أهمية التوسل.

هذه الخاطرة كررتها مراراً وتكراراً واختم بها:

كنت في جلسة مع سماحة آية الله المجاهد الشيخ محمد تقي مصباح اليزدي ـ رحمه الله ـ ، قلت له: شيخنا في نهاية هذا اللقاء أنصحني بنصيحة بكلمة واحدة خلاصة عمرك خلاصة حياتك العلمية والعملية.

قال: التوسل، قال: انظر إلى ضريح السيدة المعصومة وضريح الإمام الرضا فإن التوفيق يوجد على بعد عدة أميال من ضريحيهما أنت قد تفكر وتجري دراسة لكن في لحظة توسل تصل إلى هذه النتائج.

جعلنا الله وإياكم من المتوسلين وممن تنالهم شفاعة الشافعين إلهي آمين، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين، وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين.