محاضرات أخلاقية في حسينية الإمام الرضا عليه السلام
شیخ الدقاق

61 -مظاهر التعامل مع عاشوراء الحسين عليه السلام

محاضرات أخلاقية في حسينية الإمام الرضا عليه السلام

  • الكتاب: محاضرات أخلاقية في حسينية الإمام الرضا عليه السلام
  • الجزء

    01

  • الصفحة  

    200

22

2024 | سبتمبر

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدالله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين

اللهم كن لوليك الحجة بن الحسن صلواتك عليه وعلى آبائه في هذه الساعة وفي كل ساعة وليًا وحافظًا وقائدًا وناصرًا ودليًلا وعينًا حتى تسكنه أرضك طوعًا وتمتعه فيها طويلًا برحمتك يا أرحم الراحمين.

محاضرات أخلاقية

 

المحاضر: الشيخ عبد الله الدقاق

المحاضرة (الواحدة والستون): مظاهر التعامل مع عاشوراء الحسين ـ ع ـ

جاء في الرواية الشريفة عن سيدنا ونبينا أبي القاسم محمد أنه قال: «إن لقتل ولدي الحسين حرارة في قلوب المؤمنين لن تبرد أبداً» صدق سيدنا ونبينا أبو القاسم محمد.

نحن مقبلون على شهر محرم الحرام، وبعد أيام قليلة سيهل علينا هلال شهر محرم، ولسان حالنا قول الشاعر:

ولا يسيل لهم دمع على أحد

إلا على معشر في كربلاء قتلوا

هناك مظاهر في التعامل مع عاشوراء الحسين ـ عليه السلام ـ .

المظهر الأول إظهار الحزن والأسى.

يقول الإمام الرضا ـ عليه السلام ـ كان أبي الكاظم: «إذا هل هلال المحرم لا يرى ضاحكاً فإذا جاء اليوم العاشر كان يوم مصيبته، وكان يقول: هذا اليوم الذي قتل فيه جدي الحسين».

أحيانا الموالي يذهب إلى المأتم والحسينية والمسجد يعيش مأساة الحسين، ألم الحسين، أجواء البكاء على الحسين لحظات مؤقتة، ثم يخرج وما إن ينتهي المجلس يضحك..، ينكت..، يبتسم..، ربما يعمل في ترتيب الديكور لإحياء مراسم الحسين ـ عليه السلام ـ يمزح يضحك ولربما يقصد إدخال السرور على قلب المؤمن وأن المؤمن هش البش.

هذا جيد وهذا مطلوب لكن في شهر محرم غير مطلوب، خصوصاً العشرة الأولى من محرم، سنة في حياة الأئمة ـ عليهم السلام ـ إظهار الأسى والحزن على أبي عبد الله الحسين هذا المظهر الأول.

المظهر الثاني الإنشاد في الحسين ـ عليه السلام ـ ورد: «من قال فينا بيتا من الشعر بنى الله له بيت في الجنة»، وورد في الإمام الحسين ـ عليه السلام ـ أبيات كثيرة وروايات كثيرة في فضل من أنشد في الحسين ـ عليه السلام ـ .

وهنيئاً للشعراء والرواديد والخطباء الذين سخروا وجودهم لخدمة أبي عبد الله الحسين ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ .

المظهر الثالث إقامة العزاء على أبي عبد الله الحسين.

يقول الإمام الخميني: «إن إقامة المآتم على سيد الشهداء هي التي حفظت الإسلام منذ أربعة عشر قرناً».

محرم وصفار وإحياء مراسم أبي عبد الله الحسين ـ عليه السلام ـ كان له الأثر البالغ في إرساء دعائم الدين حتى قيل: «الإسلام محمدي الحدوث حسيني البقاء».

وأما القصص والحوادث والوقائع التي ذكرت في حق الحسين ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ كثيرة «نحن غير حسين ما عندنا وسيلة».

دونك العلامة الحلي جمال الدين يوسف بن المطهر المتوفى سنة سبعمائة وستة وعشرين هجرية، إذا راجعتم الفقه الإسلامي في بدايات الغيبة الكبرى أهم كتب هي كتب شيخ الطائفة الشيخ محمد بن الحسن الطوسي المتوفى سنة أربعمائة وستين هجرية قمرية، كتاب النهاية..، كتاب الاستبصار..، كتاب تهذيب الأحكام..، كتاب الخلاف..، كتاب المبسوط..، حتى سمي شيخ الطائفة، الطائفة الشيعية المحقة الإمامية تعتمد على كتب الشيخ الطوسي في الفقهي والأصول والرجال والكلام والحديث هذا بالنسبة إلى المتقدم.

بالنسبة إلى المتأخرين لا يوجد كالعلامة الحلي، العلامة الحلي كتب ما شاء الله في الفقه: تذكرة الفقهاء، مختلف الشيعة، منتهى المطلب، إرشاد الأذهان، ما شاء الله كتب كثيرة، الآن أي بحث فقهي تريد آراء الفقهاء من المتقدمين لا بد رأي الشيخ الطوسي ومن المتأخرين لابد أن تلحظ رأي العلامة الحلي وكلاهما مدفون بجوار أمير المؤمنين ـ عليه أفضل صلوات المصلين ـ .

أول ما تدخل إلى ضريح أمير المؤمنين على الميمنة قبر العلامة الحلي، وأما الشيخ الطوسي فله مسجد خاص فيه مقبرة آل بحر العلوم.

العلامة الحلي له كتاب اسمه الألفين أقام ألفي دليل على إمامة أمير المؤمنين ألف دليل نقلي وألف دليل عقلي، لما مات ودفن رآه ابنه فخر المحققين، فخر المحققين ابن العلامة الحلي قوي جداً في المعقول والمنقول، والعلامة الحلي أوصى ولده أن يكمل كُتبه التي إذا جاءه ملك الموت ولم يكملها، قال: يا ولدي أكمل الكتب التي لم أكمل تصنيفها.

فخر المحققين رأى والده في المنام، قال: أبه كيف رأيت البرزخ؟

قال: عسير شديد، ولكن لولا كتاب الألفين وزيارة الحسين لقصمت الفتاوى ظهر أبيك نصفين.

زيارة الحسين ـ عليه السلام ـ لها وقعٌ خاص وهي المظهر الرابع.

المظهر الرابع زيارة الحسين وليس المراد بالزيارة خصوص الذهاب لقبر الحسين هذا مطلوب، ولكن عود نفسك رحم الله آباءنا وأجدادنا ما أن ينفتن من صلاته يتجه إلى كربلاء: «السلام عليك يا أبا عبد الله الحسين».

في الرواية «لا تدع زيارة الحسين لخوف».

في بعض الروايات «لا تدع زيار الحسين فإنه يدخلك ما يدخلك من الحسرة والندامة يوم القيامة لما ترى من الحظوة التي يحظى بها زوار أبي عبد الله الحسين».

رزقنا الله وإياكم في الدنيا زيارته وفي الآخرة شفاعته.

علمائنا عندهم تعلق خاص بالحسين لأنهم قد اطلعوا على الروايات التي ذكرت في حقّ الحسين ـ عليه السلام ـ .

نختم بصاحب الميزان وصاحب الجواهر، أكبر موسوعة فقهية كاملة جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام ثلاثة وأربعين مجلد للشيخ محمد حسن النجفي ـ رحمه الله ـ ، حتى أن عائلة الجواهري سميت باسم كتابه، عندنا بعض العلماء لقوة كتابهم سميت العائلة بالكتاب، فالآن آل الجواهري نسبة إلى كتاب جواهر الكلام.

و هكذا آل كاشف الغطاء نسبة إلى كتاب كشف الغطاء للشيخ جعفر النجفي، عدة عوائل سميت بأسماء كتب أعلامها، صاحب الجواهر يقول: لوددت أن الأزري يقايضني فأعطيه ثواب كتابة كتاب جواهر ثلاثة وأربعين مجلة ويعطيني ثواب القصيدة الأزرية.

الأزري كتب هذه الملحمة والأرجوزة في الحسين ـ عليه السلام ـ ، يقول: مقايضة نعمل مقايضة.

وحدثني أحد الإخوة من علماء البحرين يقول: أنا حضرت مجلس عند السيد شهاب الدين المرعشي النجفي المرجع الكبير المعروف والذي ينقل أنه وفق للقاء الإمام المهدي ـ عجل الله تعالى فرجه الشريف ـ يقول: في ذلك اليوم معروف الحسينية المرعشي الحسينية المرعشية يأتون بالخطباء من الساعة السابعة إلى أذان الظهر، خطيب بعد خطيب، خطيب بعد خطيب باليوم العاشر اليوم الأربعين.

فجيء له بخطيب هذا الخطيب نعى الحسين ـ عليه السلام ـ فتفاعل السيد المرعشي وأجهش بالبكاء حتى امسك بعمامته ورماها حزناً على جده الحسين.

ثم قال: ائتوني بهذا الخطيب، فجاؤوا له بهذا الخطيب، قال: أنا أريد أن اعمل معك مقايضة اهبك ثواب صلاة الليل أربعين سنة في حرم السيدة المعصومة متصلة بصلاة الفجر، وتهبني ثواب هذا المجلس في الحسين ـ عليه السلام ـ .

هذا عالم مرجع الكلام ليس اعتباطاً يعرف ثواب المصيبة على الحسين ـ عليه السلام ـ .

وهكذا صاحب الميزان العلامة السيد محمد حسين الطباطبائي ـ أعلى الله في الخلد مقامه ـ ينقل سماحة آية الله السيد محمد جواد البروجردي ـ حفظه الله ـ متولي المسجد الأعظم أحد العلماء بالحوزة عنده أيضاً رسالة عملية.

يقول: ذهبنا لزيارة صاحب الميزان جلسنا فجاء ممسكاً بسينية الشاي هذا الصينية كانت تهتز آخر أيام صاحب الميزان يده ترتعش، يقول: فقمت وامسكت هذه الآنية وادرت الشاي.

التفت صاحب الميزان إلى أحد الخطباء قال له: قم وانعى الحسين ـ عليه السلام ـ .

صعد هذا الخطيب ونعى الحسين في فلذة كبده علي الأكبر، ذكر مصيبة علي الأكبر، وذكر قصيدة لشاعر إيراني، لما جاء إلى بيت هذا البيت يصور انكسار الحسين عند قتل الأكبر، يقول: الآن أصبح الطائر مكسوراً بقتل فرخه.

قال صاحب الميزان: أعد.

أعاده ثم قال أعد، أربع مرات.

يقول: أخذ يلطم صاحب الميزان.

ثم بعد انتهاء المجلس، قال: يا ليت صاحب هذا البيت يهديني ثواب هذا البيت واهديه ثواب تفسير الميزان الذي كتبته في عشرين سنة.

يقول السيد علوي قلت له: سيدنا هذا الشاعر هزلي متهتك هل تعرفه؟!

قال: نعم، هذا ديوانه موجود هنا في المكتبة، ولكن لا أظن سيد الشهداء في عرصات القيامة يخيبه لأنه دعا فلذة كبده وذكر الحسين في مصيبته مع ولده في هذا الظرف الحالك ولا أظن الحسين ـ عليه السلام ـ يتركه في عرصات القيامة، لأنه قد دعا ولده في تلك الساعات الحالكة والصعبة.

هذا فضل زيارة الحسين ـ عليه السلام ـ .

ولا يسيل لهم دمعٌ على أحدٍ إلا على معشرٍ في كربلاء قتلوا.

رزقنا الله وإياكم زيارة الحسين ووفقنا لإقامة العزاء على سيد الشهداء ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ .

يا إخوة يا أحبة اعرف بعض الأشخاص وصلوا للارتداد، فلما توسلوا بالحسين مَن الله عليهم بالهداية، الكثير من الناس قضيت حاجاتهم وهدوا إلى سواء السبيل ببركة تعلقهم بالحسين ـ عليه السلام ـ .

رزقنا الله وإياكم في الدنيا زيارته وفي الآخرة شفاعة الحسين إنه تعالى على كل شيء قدير وبالإجابة حقيق جدير، وصلى الله على سيدنا ونبينا محمدٍ وآله الطيبين الطاهرين

00:00

22

2024
| سبتمبر
جلسات أخرى من هذه الدورة 69 الجلسة

22

سبتمبر | 2024
  • الكتاب: محاضرات أخلاقية في حسينية الإمام الرضا عليه السلام
  • الجزء

    01

  • 200

    الصفحة
جلسات أخرى من هذه الدورة
69 الجلسة