بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدالله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين

اللهم كن لوليك الحجة بن الحسن صلواتك عليه وعلى آبائه في هذه الساعة وفي كل ساعة وليًا وحافظًا وقائدًا وناصرًا ودليًلا وعينًا حتى تسكنه أرضك طوعًا وتمتعه فيها طويلًا برحمتك يا أرحم الراحمين.

 الجهاد الأصغر والجهاد الأكبر

جاء في كلام أمير المؤمنين _{عليه أفضل صلوات المصلين} أنه قال: «الجهاد باب من أبواب الجنة فتحه الله لخاصة أوليائه» صدق سيدنا ومولانا أسد الله الغالب علي بن أبي طالب _{صلوات الله وسلامه عليه}.

الجهاد جهادان: جهادٌ داخلي وجهادٌ خارجي، ومن هنا قسم الجهاد إلى نوعين:

النوع الأول: جهاد النفس، وهو جهاد داخلي.

النوع الثاني: جهاد الأعداء وهو جهادٌ خارجي.

«بعث رسول الله أبو القاسم محمد إلى المعركة، فلما رجعوا قال: مرحباً، بقوم قضوا الجهاد الأصغر وبقي عليهم الجهاد الأكبر. قيل: يا رسول الله وما الجهاد الأكبر؟ قال: جهاد النفس».

سؤال يطرح نفسه: لما أصبح جهاد النفس هو الجهاد الأكبر، وجهاد الأعداء الذي تطير فيه الرؤوس والأكف والأيدي جهاداً أصغر؟

الجواب: هناك عدة أمور وفوارق بين الجهادين تجعل جهاد النفس جهاداً أكبر وجهاد الأعداء جهاداً أصغر:

أولاً العدو في جهاد النفس عدو خفي، والعدو في جهاد الأعداء عدو جلي، وكلما كان العدو خفياً كان الإحاطة به والسيطرة عليه أصعب وأخطر.

ثانياً العدو في جهاد النفس داخلي، وفي جهاد الأعداء خارجي، والعدو الداخلي أخطر من العدو الخارجي.

ثالثاً الجهاد في تزكية النفس مستمر حتى يخرج النفس والنفس من الحلقوم دائمي وفيه استمرار، وجهاد الأعداء يدوم ما دامت المعركة ومشارف المعركة، فجهاد النفس فيه استمرار ومواصلة كل آن وكل لحظة حتى ينقطع النفس وتؤخذ الأمانة، بخلاف جهاد الأعداء ما دامت المعركة. نعم، هناك تحضيرات لما قبل المعركة، ترتيبات لما بعد المعركة، ولكن عملية المجاهدة تستمر ما دامت المعركة.

من هنا يقول سيدنا ونبينا أبو القاسم محمد «أعدى عدوك نفسك التي بين جنبك»، ويقول في رواية أخرى _{صلى الله عليه وآله}: «ميدانكم الأول أنفسكم فإن قدرتم فأنتم على غيرها أقدر».

من هنا يتبين أنه كيف يصير اختراق في صفوف المؤمنين، جيش إسلامي، حزب إسلامي، تجد خونة وعملاء تخونهم أنفسهم، يشي بالمؤمنين يعطي إحداثيات موقع فلان وفلان لكي تقصفه إسرائيل، هؤلاء خسروا أنفسهم، هذا نتيجة انعدام الجهاد الداخلي، ضعف تزكية النفس، يضعف الإنسان أمام المال، أمام الجاه، وكثير منهم يضعفون ليس أمام المال وإنما أمام الجاه والحسد، يقول لم لم تقدمني؟ أنا أولى بهذا المنصب من فلان؟ كيف تقدم فلان علي؟ يذهب ويتعامل مع إسرائيل.

أحد العملاء يقول للسيد نصر الله: أنا مرتين أعطيت إسرائيل إحداثيات مكانك لكي يقصفوك، والسيد يبكي هذا صديقه كيف يخونه، كان أحد الشهداء _{رحمة الله عليه} حاضراً سحب المسدس أراد قتله، السيد أشار إليه توقف.

لما أعطيتهم إحداثيات مكاني؟

قال: أنا أولى من فلان «الشهيد عماد مغنية»، أنا المفروض تخليني مكانه، كيف تقدمه علي؟ شوف نتيجة الحسد، ذهب وتعامل مع إسرائيل.

إذاً ما أحوجنا إلى الجهاد الأكبر، جهاد النفس، تزكية النفس، وهذه عملية فيها استمرار قد تنجح الآن في جهاد النفس وقد تخسر والعياذ بالله غداً، وقد تخسر الآن في جهاد النفس وتنجح غداً، عملية فيها استمرارية.

النوع الثاني الجهاد الأصغر جهاد الأعداء هذا الجهاد لم يفتحه الله لأي أحد، يقول أمير المؤمنين _{عليه أفضل صلوات المصلين} : «الجهاد باب من أبواب الجنة فتحه الله لخاصة أوليائه» يعني لم يقل لأوليائه، لخاصة الأولياء، الأولياء هم خاصة الله، والمجاهدون هم خاصة الخاصة، لأنهم خاصة الأولياء.

لذلك سنة ألف وتسعمائة وأربعة وتسعين ميلادية أتى إلى قم سماحة حجة الإسلام والمسلمين السيد حسن نصر الله _{أيده الله} في ذلك الوقت كان يأتي ويلتقي بالطلاب لقاء خاص في منتدى جبل عامل اللبناني، بعد حرب تموز انقطع عن المجيء واللقاء العلني وإلا قبل ألفين وستة حرب تموز كان يأتي السيد حسن _{أيده الله واجر الله النصر على يده} لا يعلن عن اللقاء ولكن ينتشر بين الطلبة ونذهب إلى المنتدى والسيد حسن يستلمنا ساعتين ثلاث تنسى الوقت تنسى الوقت ويتكلم عن أمور ميدانية.

ذلك الوقت بعد وفاة المرجع الأعلى السيد محمد رضا الگلپايگاني ومجيء المرجع الأعلى الشيخ محمد علي الآراكي _{رحمة الله عليهما} يقول: زرت الشيخ الآراكي، الشيخ الآراكي ما أتصور شفتوه، يعني لا أنا شفت السيد السيد الگلپايگاني والشيخ الآراكي، الشيخ الآراكي عمر مئة وخمس سنوات أو مئة وأربع سنوات كبير بالسن.

الشيخ الآراكي يعني يجلس هكذا لا يتحرك لا يمين ولا شمال، إذا تسأل سؤال ترفع صوتك ويجاوب ابنه هو الذي يوضح الجواب.

لاحظ تواضع الشيخ الآراكي _{رحمة الله عليه} وعلمه، يقول قال للسيد حسن هكذا يقول السيد حسن نصر الله _{أيده الله} قال له: أنتم أحبكم الله فخلقكم في أقرب بقعة إلى إسرائيل لكي تقاتلوا ألد أعداء الله، الله خلقكم في لبنان أقرب منطقة لإسرائيل لكي تنالوا فضل جهاد أعداء الله.

لاحظ يقول: أنا تعجبت يعني الشيخ الآراكي يعني هكذا ثوري.

ثم قال: ما دام أنت عربي أنا سأقرأ لك الفاتحة وانظر هل عربيتي جيدة أو لا؟

مرجع تجاوز المئة من عمره لاحظ هكذا تواضع.

«الجهاد ما تركه أحدٌ إلا ذلّ، وما قام به أحدٌ إلا عزّ» إذا جهاد الأعداء، جهاد اليهود، جهاد الإسرائيليين، جهاد الصهاينة فيه امتيازات:

الميزة الأولى والخصيصة الأولى أن من يوفق لجهادهم فهو من خاصة الأولياء «الجهاد باب من أبواب الجنة فتحه الله لخاصة أوليائه».

الميزة الثانية فيه عزّ للمؤمنين، وهذا موجود في خطبة الزهراء «وجعل الله الصلاة» إلى أن تقول: «والجهاد عزاً للمؤمنين» الآن ما شاء الله المسلمون والشيعة أعزه في العالم، كل من جاهد إسرائيل أصبح عزيزاً وله دوره وموقعه في الساحة الدولية.

أبطال حزب الله لبنان، أبطال انصار الله في اليمن، أبطال الحشد الشعبي في العراق، الجمهورية الإسلامية في إيران الراعية لهذا المحور الشريف محور المقاومة ومحور الممانعة، وهناك مقولة للإمام السيد موسى الصدر: «أبى الله أن تتحرر القدس إلا على يدّ المؤمنين الشرفاء»، تحرير القدس لا يقوم به إلا المؤمنون الشرفاء الأعزة.

نحن نشجب ونستنكر العدوان الصهيوني الإسرائيلي على أهلنا في غزة ورام الله ولبنان ونتضامن مع إخوتنا وأحبتنا في فلسطين ولبنان.

ونسأل الله لهم الفرج العاجل، وإن شاء الله ببركة ثباتهم وجهادهم وكفاحهم ستنتصر الأمة الإسلامية، وبعزتهم عزتنا، وبكرامتهم كرامتنا، ونحن معهم قلباً وقالباً، وندعمهم بأي شيء نستطيع أن ندعمهم به.

ربّ العالمين سيحاسبنا جميعاً أي شيء يمكن تقدمه لفلسطين ولبنان وسائر المحرومين من أبناء أمة  الإسلام فهذا واجب على الجميع.

ونسأل الله عزّ وجل أن يوفقنا لخدمة ديننا وخدمة إخواننا وأن يوفقنا في جهادنا إنه على كل شيء قدير، وبالإجابة حقيقٌ جدير، وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين