خارج الفقه (الجهاد)
شیخ الدقاق

01 - الجهاد لغةً واصطلاحاً

خارج الفقه (الجهاد)

  • الكتاب: كتاب الجهاد
  • الجزء

    01

  • الصفحة  

    -

10

2024 | أكتوبر

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدالله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين

اللهم كن لوليك الحجة بن الحسن صلواتك عليه وعلى آبائه في هذه الساعة وفي كل ساعة وليًا وحافظًا وقائدًا وناصرًا ودليًلا وعينًا حتى تسكنه أرضك طوعًا وتمتعه فيها طويلًا برحمتك يا أرحم الراحمين.

الدرس (الأول): مقدمة

نشرع اليوم السبت الرابع والعشرين من شهر ربيع الأول من عام ألف وأربعمائة وستة وأربعين هجرية قمرية، الموافق للثامن والعشرين من سبتمبر من عام ألفين وأربعة وعشرين ميلادية، المصادف للسابع من تير من عام ألف وأربعمائة وثلاثة هجرية شمسية.

ويصادف هذا اليوم اغتيال الأمين العام لحزب الله لبنان سماحة حجة الإسلام والمسلمين السيد حسن نصر الله حيث اغتالته القوات الإسرائيلية البارحة، ونرجو أن يكون سالماً غانماً، ونسأل الله له طول العمر والتوفيق لخدمة الدين وأهله.

إلى الآن لم تتكشف الأخبار عن واقعة الاغتيال، بقنبلة تزيد على ألفين طن، قصفت بها الطائرات  F35 الإسرائيلية الضاحية الجنوبية، وبهذه المناسبة نبدأ بدراسة كتاب الجهاد، فهذه الأمة ولادة كلما رحلت قيادات فإنها كانت قد ولدت قيادات أخرى.

نشرح في دراسة كتاب الجهاد من شرائع الإسلام للمحقق الشيخ نجم الدين الحلي، ونسلط الضوء على شرحه كتاب جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام، تأليف شيخ الفقهاء وإمام المحققين الشيخ محمد حسن النجفي صاحب الجواهر، المتوفى سنة ألف ومئتين وستة وستين هجرية قمرية، فالمجلد الحادي والعشرون من جواهر الكلام من الطبعة القديمة، والمجلد الثاني والعشرون من جواهر الكلام من الطبعة الحديثة، طبع مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة.

ونبدأ مستعينين بالله تبارك وتعالى..

بسم الله الرحمن الرحيم..

[كتاب الجهاد]

[الجهاد لغةً]

إما مشتق من الجهد بالفتح لغةً أي التعب والمشقة[1]، أو مشتق من الجهد بالضم بمعنى الوسع والطاقة[2].

[تعريف الجهاد شرعاً]

عرفه الشهيد الأول أعلى الله مقامه الشريف بهذا التعريف بذل النفس والمال والوسع في إعلاء كلمة الإسلام وإقامة شعائر الإيمان[3].

وناقشه الشهيد الثاني أعلى الله مقامه الشريف في المسالك، وعدل عن هذا التعريف بتعريف آخر، وهو: «بذل النفس وما يتوقف عليه من المال في محاربة المشركين أو الباغين على وجه مخصوص»[4].

ومفاد مناقشة تعريف الشهيد الأول:

أن تعريفه وإن كان شاملاً للكافرين والباغين كما في تعريف الشهيد الثاني، لكن يرد عليه أنه غير مانع لأن إعزاز الدين أعم من كونه بالجهاد المخصوص، فيشمل الدفاع، وهذا الإشكال ذكره صاحب الجواهر[5].

ومن هنا تبنى سيد أساتذتنا المحققين السيد أبو القاسم الخوئي رحمه الله تعريف الشهيد الأول مع إضافة مفردة القتال، إذ ورد في تعريف الشهيد الأول «بذل النفس والمال والوسع في إعلاء كلمة الإسلام وإقامة شعائر الإيمان، وهذا يشمل حتى الدفاع عن النفس، والدفاع عن العرض» لكن السيد الخوئي رحمه الله عرفه بهذا التعريف قال: «الجهاد مأخوذ من الجهد بالفتح بمعنى التعب والمشقة، أو من الجهد بالضم بمعنى الطاقة، والمراد به هنا: القتال لإعلاء كلمة الإسلام وإقامة شعائر الإيمان»[6].

والأمر سهل بالنسبة إلى هذه التعاريف إذ أن الجهاد ليس حقيقة شرعية ولا حقيقة متشرعية، وقد استخدمه القرآن الكريم والروايات الشريفة في المعنى اللغوي المتداول بين العرب، إذ أنهم يطلقون لفظ الجهاد على القتال. نعم، ذكرت الشريعة الغراء أن القتال لخصوص إعلاء كلمة الله وإعزاز الدين، هي: «جهاد» لا مطلق القتال.

وعلى كل حال وردت روايات عديدة في بيان فضل الجهاد، وأنه عزّ المؤمنين، وقد ذكر صاحب الجواهر أهم العبائر التي وردت في فضل الجهاد في الروايات الشريفة، فهو «ذروة سنام الإسلام، ورابع أركان الإيمان، وباب من أبواب الجنة، وأفضل الأشياء بعد الفرائض، وسياحة أمة محمد صلى الله عليه وآله التي قد جعل الله عزها بسنابك خيلها ومراكز رماحها» كل هذا نصوص روايات، ذكرها صاحب الجواهر[7].

وقد ورد في الرواية الشريفة «فوق كل برّ برّ حتى يقتل في سبيل الله»، وفي نسخة: «حتى يقتل الرجل في سبيل الله فإذا قتل في سبيل الله فليس فوقه بئر»، «والخير كله في السيف، وتحت ظل السيف، ولا يقيم الناس إلا السيف، والسيوف مقاليد الجنة والنار، وللجنة باب يقال له: «باب المجاهدين» يمضون إليه فإذا هو مفتوح وهم متقلدون سيوفهم».

«ومن غزا غزوة في سبيل الله، فما أصابه قطرة من السماء أو صداع إلا كانت له شهادة يوم القيامة، وإن الملائكة تصلي على المتقلد بسيفه في سبيل الله حتى يضعه، ومن صدع رأسه في سبيل الله غفر الله له ما كان قبل ذلك من ذنب».

والروايات كثيرة مضافاً إلى الآيات الشريفة كقوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَىٰ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ ۚ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ ۖ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ ۚ وَمَنْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ ۚ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ ۚ وَذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ[8].

وقوله تعالى: ﴿لَّا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ ۚ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً ۚ وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَىٰ ۚ وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا[9].

ولا شكّ ولا ريب أن المراد الأصلي من الجهاد هو قتال الكفار ابتداءً لنشر الإسلام، وهو الذي نزل فيه قوله تعالى: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ[10] أي الجهاد الابتدائي، ويلحق به الجهاد الدفاعي، وهو عبارةٌ عن قتال من دهم المسلمين من الكفار والمنافقين، وهذا دفاع، وأيضاً قتال الباغين ابتداءً فضلاً عن دفاعهم لكي يرجعوا إلى الحق، هذا أيضاً جهاد ابتدائي أو دفاعي بالنسبة إلى الباغين.

وأما دفع من يريد قتل نفس محترمة أو أخذ مال أو سبي حريم فليس من الجهاد المصطلح، بل هو من الدفاع، ولذا ذكروه في كتاب الحدود.

«وتمام النظر في الجهاد يكون في أربعة أركان» تطرق صاحب الشرائع إلى أربعة أركان:

الركن الأول «من يجب عليه» والمراد من يجب عليه الجهاد، ثم ذكر صاحب الشرائع شروط المكلف بالجهاد الابتدائي قال رحمه الله ما نصّه:

«وهو فرض على كل مكلف حرٍّ ذكرٍ غير هم فلا يجب على الصبي ولا على المجنون»، لا شك ولا ريب أنه لا يجب على الصبي ولا على المجنون لأنهما غير مكلفين، ولا يوجد خلاف في ذلك بين الأصحاب، كما في الغنية[11]، بل يمكن أن يدعا قيام الإجماع بقسميه عليه، وقد نقل العلامة الحلي الإجماع في منتهى المطلب[12]، وقد ذهب إلى ذلك الشيخ الطوسي في النهاية، وابن البراج في المهذب، ويحيى بن سعيد في الجامع للشرائع، والعلامة في التذكرة والشهيد الأول في الدروس.

ويمكن التمسك بذلك بعموم حديث رفع القلم «رفع القلم عن الصبي حتى يحتلم وعن المجنون حتى يفيق» وحديث رفع القلم ذكره الفريقان السنة والشيعة، وقد ذكره صحيح البخاري سنن أبي داود، سنن ابن ماجة، ومسند أحمد بن حنبل، سنن الترمزي، وسنن النسائي، وسنن البيهقي، وهو موجود في كتب الشيعة الروائية.

هذا تمام الكلام بالنسبة إلى عدم وجوب الجهاد على الصبي والمجنون، أي اشتراط التكليف أن يكون مكلفاً أي بالغاً عاقلاً، ذكراً.

قال صاحب الشرائع رحمه الله:

«ولا على المملوك، ويقع الكلام في اشتراط الحرية في وجوب الجهاد».

 يأتي عليه الكلام إن شاء الله، صلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين

 

[1]  القاموس المحيط، ج 1، ص 557.

[2]  الصحاح للجواهري، ج 2، ص 460، مادة «جهد».

[3] غاية المراد، كتاب الجهاد، ج 1، ص 469.

[4]  مسالك الأفهام في شرح شرائع الإسلام، كتابا الجهاد، ج 3، ص 7.

[5] جواهر الكلام، ج 21، ص 3، من الطبعة القديمة، ج 22، ص 6، من طبعة جماعة المدرسين.

[6]  منهاج الصالحين، طبعة 28، آخر طبعة، ص 360.

[7]  جواهر الكلام، ج 22، ص 6 إلى 8.

[8]  سورة التوبة، آية 111.

[9] سورة النساء، الآية 95.

[10]  سورة البقرة، الآية 216.

[11]  غنية النزوع، كتاب الجهاد، المقدمة، ص 199.

[12]  منتهى المطلب، ج 4، ص 2 أو 10.

00:00

10

2024
| أكتوبر
جلسات أخرى من هذه الدورة 7 الجلسة

10

أكتوبر | 2024
  • الكتاب: كتاب الجهاد
  • الجزء

    01

  • -

    الصفحة
جلسات أخرى من هذه الدورة
7 الجلسة