شرح الزيارة الجامعة الكبيرة
شیخ الدقاق

01 - مقدمة تمهيدية سند ومتن الزيارة

شرح الزيارة الجامعة الكبيرة

  • الكتاب: شرح الزيارة الجامعة الكبيرة
  • الجزء

    01

  • الصفحة  

    -

12

2024 | أكتوبر

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدالله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين

اللهم كن لوليك الحجة بن الحسن صلواتك عليه وعلى آبائه في هذه الساعة وفي كل ساعة وليًا وحافظًا وقائدًا وناصرًا ودليًلا وعينًا حتى تسكنه أرضك طوعًا وتمتعه فيها طويلًا برحمتك يا أرحم الراحمين.

مقدمة تمهيدية سند ومتن الزيارة

نشرع اليوم الخميس السادس من شهر ربيع الأول من عام ألف وأربعمائة وستة وأربعين هجرية قمرية، السادس من ربيع الثاني ألف وأربعمائة وستة وأربعين هجرية قمرية، الموافق للتاسع عشر من شهر مهر وهو الشهر السابع من عام ألف وأربعمائة وثلاثة هجرية شمسية، الموافق للعاشر من أكتوبر من عام ألفين وأربعة وعشرين ميلادية.

ونبدأ بـشرح الزيارة الجامعة الكبيرة، مقدمة تمهيدية «سند ومتن» الزيارة، بشكل عام.

هناك زيارة خاص بإمام كالإمام الحسين أو الإمام الرضا عليهما السلام، وهناك زيارة عامة وجامعة يمكن أن تزور بها أي إمام من الأئمة، والزيارات الخاصة إما أن تكون موقتة بوقت محدود كـزيارة عاشوراء وزيارة الأربعين وزيارة النصف من شعبان، وإما أن لا تكون مؤقتة كـزيارة وارث، وأما الزيارات الجامعة أي التي يزار بها جميع الأئمة عليهم السلام من أمير المؤمنين إلى الإمام الحسن العسكري عليهم أفضل الصلاة والسلام فهي عديدة، ويمكن أن يذكر منها ما يلي:

الزيارة الأولى الزيارة الجامعة الصغيرة، المروية عن الإمام علي بن موسى الرضا صلوات الله وسلامه عليه.

الزيارة الثانية الزيارة الجامعة الكبيرة، والمروية عن الإمام علي بن محمد الهادي عليهما السلام، وهي الزيارة المشهورة، فإذا قيل: الزيارة الجامعة، ينصرف اللفظ إلى الزيارة الجامعة الكبيرة، وهي المشهورة.

الزيارة الثالثة زيارة أمين، وهي زيارة أمير المؤمنين عليه السلام : «السلام عليك يا أمين الله في أرضه، وحجته على عباده، السلام عليك يا أمير المؤمنين» وإذا تزور أي إمام تستبدل لفظ أمير المؤمنين كأن تقول: «السلام عليك يا علي بن موسى الرضا» «السلام عليك يا أبا عبد الله الحسين»، ثم تقول: «اللهم فاجعل نفسي مطمئنة بقدرك راضية بقضائك» إلى آخر الزيارة الشريفة.

الزيارة الرابعة الزيارة الرجبية تقول: «الحمد لله الذي بلغنا مشهد أوليائه في رجب، وأوجب علينا من حقهم ما قد وجب، وصلى الله على محمد وآله الحجب» إلى آخر الزيارة، موجودة في أدعية شهر رجب، إذا تراجعون مفاتيح الجنان للشيخ عباس القمي موجودة في أدعية رجب.

وهذه الزيارات الأربع وتعدادها ذكرها المحدث الشيخ عباس القمي في أواخر مفاتيح الجنان، يعني بعد دعاء الندبة ودعاء العهد، هناك ذكرت هذه الزيارات الجامعة.

الزيارة الخامسة الزيارة الجامعة لأئمة المؤمنين، وهي زيارة طويلة، ومن بعدها يوجد دعاء عالي المضامين، إن شاء الله إذا زرتم جميع الأئمة بالزيارة الخاصة أو الزيارة الجامعة واظبوا على هذا دعاء الشريف، الذي يقال بعد الزيارة، موجود دعاء عالي المضامين.

بعض الاخوة ما يلتفت إليه هذا مهم جدا هذا الدعاء، كل زيارات الأئمة بعد الزيارة يوجد دعاء، تزور الإمام الهادي، تزور الإمام العسكري، يوجد دعاء بعد الزيارة، تزور الإمام الكاظم، تزور الإمام الجواد، يوجد دعاء، وحتى مثلاً زيارة وارث يوجد دعاء، دعاء علقمة مثلاً بعد زيارة عاشوراء، البعض يلتفت إلى الزيارة ويغفل عن الدعاء بعد الزيارة.

إلى هنا ذكرنا خمس زيارات.

لماذا الزيارة الجامعة الكبيرة؟ سؤال يطرح نفسه: لماذا اخترنا شرح الزيارة الجامعة الكبيرة؟ وإن أطال الله في عمري ووفقني ومن علي بلطفه فإني أرغب أن اشرح جميع الأدعية والزيارات، وابدأ بشرح دعاء كميل وابدأ بشرح الزيارة الجامعة الكبيرة، وإن لم أوفق إن شاء الله الإخوة يوفقون أو من يسمع الكلام يوفق لذلك.

فلماذا اخترنا في بدء شرح جميع الأدعية كـدعاء السمات ودعاء الصباح ودعاء أهل الثغور، واخترنا دعاء كميل؟ ولماذا اخترنا في جميع الزيارات كـزيارة الأربعين وزيارة عاشوراء، اخترنا خصوص الزيارة الجامعة الكبيرة؟

والجواب لأنها من أقوى الزيارات سنداً ومتناً، فأقوى الزيارات من ناحية السند هي زيارة أمين الله، ومن بعدها الزيارة الجامعة الكبيرة، وكلتاهما من الزيارات الجامعة، وأما من ناحية المتن فإن الزيارة الجامعة هي أقوى الزيارات متناً وأعلاها في المضامين.

لذلك اخترنا دراسة الزيارة الجامعة، والتي شُرحت بعدة شروح، ونذكر لكم هذه الشروح، لكي إن شاء الله تستفيدوا منها:

الشرح الأول الأنوار الساطعة في شرح الزيارة الجامعة، خمسة مجلدات، تأليف الشيخ جواد بن عباس الكربلائي، وهذا من أشهر الشروح للزيارة الجامعة، إن لم يكن أشهرها، فيقال: الأنوار الساطعة للكربلاء، خمسة مجلدات.

الشرح الثاني الأنوار الطالعة، في شرح الزيارة الجامعة، تأليف الميرزا علي أصغر المنوري التبريزي، مجلد واحد. 

الشرح الثالث شرح الزيارة الجامعة الكبيرة، أربعة مجلدات، تأليف الشيخ أحمد بن زين الدين الإحسائي رحمه الله.

الشرح الرابع الشموس الطالعة من مشارق زيارة الجامعة، تأليف السيد حسين الهمداني الدرود آبادي، مجلد واحد.

الشرح الخامس الأنوار اللامعة في شرح الزيارة الجامعة، تأليف السيد عبد الله شبر، مجلد واحد صغير.

الشرح السادس في رحاب الزيارة الجامعة الكبيرة، تأليف إمام جمعة النجف الأشرف، سماحة السيد صدر الدين القبنجي حفظه الله.

الشرح السابع في رحاب الزيارة الجامعة، مجلد واحد ضخم، سبعمائة وأربع صفحات/ تأليف السيد علي الحسيني الصدر، وهو من أوضح الشروح وأسلسها عبارة، وأقواها عمقاً، لذلك سنعتمده كمتن في شرح الزيارة الجامعة.

هذه سبعة شروح يمكن الاستعانة بها وبغيرها في شرح الزيارة الجامعة الكبيرة، وبعد أن ذكرنا هذه الشروح، يقع الكلام في السند والمضمون، ولنشرع بمضمون المتن بشكل مجمل، ثم نشرحه بالتفصيل في البحث والدروس القادمة إن شاء الله.

أولاً متن الزيارة الجامعة.

لو راجعنا متن الزيارة الجامعة الكبيرة للإمام الهادي عليه السلام مراجعة دقيقة سنجد الزيارة الجامعة الكبيرة تتألف من خمسة فصول مرتبة بشكل دقيق:

الفصل الأول خصص للتحية وآدابها/ ويبدأ هذا الفصل بقول الإمام الهادي عليه السلام : «السلام عليكم يا أهل بيت النبوة»، وهذا مستهل الزيارة الجامعة.

الفصل الثاني خصص لبيان المعتقد التوحيدي الصحيح للإنسان المؤمن بأهل البيت عليهم السلام، ويبدأ هذا الفصل بقول الإمام الهادي عليه السلام : «أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له» إلى آخره.

الفصل الثالث خصص لبيان موقع أهل البيت عليهم السلام في الأمة، ومكانهم الحقيقي في الفكر الإسلامي، ويبدأ هذا الفصل بقول الإمام الهادي عليه السلام: «من والاكم فقد والى الله».

الفصل الرابع خصص لبيان موقف زائر وعلاقته بأهل البيت عليهم السلام وكيفية ارتباط الموالي بسادته الأئمة عليهم السلام، ويبدأ الفصل الرابع بقول الإمام الهادي عليه السلام: «بأبي أنتم وأمي وأهلي».

الفصل الخامس بمثابة الخاتمة، وقد خصص للدعاء بعد الزيارة، ويبدأ الفصل الخامس بقول الإمام الهادي عليه السلام: «ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب».

إذاً هذه الزيارة الجامعة الكبيرة منظمة في إطار خمسة فصول بينها ترتب طولي.

 

ثانياً سند الزيارة الجامعة.

وهو من أصح الأسانيد ولأقرأ السند أولاً ثم بعد ذلك ننظر في رجال السند.

روى الشيخ الصدوق المولود بـدعاء الإمام المهدي عليه السلام أبو جعفر محمد بن علي بن موسى بن بابويه القمي في كتابه عيون أخبار الرضا، قال حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق رضي الله عنه طبعاً هذا ليس نسيبنا هو متقدم علينا هو أستاذ الصدوق وقد ترضى عليه، وشيخنا الأستاذ الشيخ مسلم الداوري حفظه الله يفرق بين ترضي الصدوق وترحم الصدوق، فيقول: إن الرحمة تكون للبر والفاجر، فترحم الصدوق لا يدل على التوثيق، بخلاف ترضي الصدوق، فإنه إذا قال: رضي الله عنه، فهذا يعني أنه ثقة عنده فذهب شيخنا الأستاذ الدوري حفظه الله إلى أن ترضي الصدوق أمارة الوثاقة، بخلاف ترحمه فلا يدل على الوثاقة.

وقد خالفناه في ذلك ولا فرق عندنا بين الترحم والترضي فكلاهما لا يدل على التوثيق. نعم، الإكثار من الترضي مجرد الترضي مرة واحدة لا يكفي، لكن لو أكثر من الترضي فهذا يكشف عن الوثاقة، عموماً يأتي البحث الرجالي.

قال الصدوق حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران رضي الله عنه، ومحمد بن أحمد السناني، وعلي بن عبدالله الوراق، والحسين بن إبراهيم بن أحمد بن هشام المكتب، يعني الصدوق يروي عن أربعة من أساتذته.

قال حدثنا ـ هؤلاء الأربعاء ـ حدثنا محمد بن عبد الله الكوفي، وأبو الحسين الأسدي هؤلاء الأربعة يرون عنها هذين الاثنين، قالوا حدثنا محمد بن إسماعيل المكي البرمكي، قال حدثنا موسى بن عبد الله النخعي، قال قلت لعلي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام .

علمني يا ابن رسول الله قولاً أقوله بليغاً كاملاً إذا زرت واحداً منكم.

فقال الإمام الهادي عليه السلام: إذا صرت إلى الباب فقف وأشهد الشهادتين، وأنت على غسل، فإذا دخلت ورأيت القبر فقف، وقل: «الله أكبر» ثلاثين مرة، ثم امشي قليلاً وعليك السكينة والوقار، وقارب بين خطاك، ثم قف وكبر الله عزّ وجل ثلاثين، ثم ادنوا من القبر وكبر الله أربعين مرة، تمام مائة تكبيرة، ثم قل: «السلام عليكم يا أهل بيت النبوة، وموضع الرسالة، ومختلف الملائكة».

هذا سند الشيخ الصدوق أعلى الله في الخلد مقامه في كتابه القيم عيون أخبار الرضا عليه السلام، وهناك سند آخر في غير العيون، يمكن مراجعته، يمكن مراجعة السند وشرحه في كتاب الأنوار اللامعة في شرح الزيارة للسيد عبد الله شبر[1]، وأيضا يمكن مراجعته في كتاب في رحاب الزيارة الجامعة للسيد علي الحسيني الصدر[2].

ولنقرأ ما ذكره أئمة الرجال في الرجال الواردين في السند، أول واحد الشيخ الصدوق لا يحتاج إلى توثيق هو المولود بـدعاء الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف أبوه علي بن موسى بن بابويه كتب إلى أحد السفراء الأربعة أن يدعو له الإمام بالإنجاب، فجاء الجواب من الإمام المهدي إنك لن ترزق من زوجتك هذه، ولكن ستتسرى بجارية ديلمية وستلد لك غلامين أحدهما عالم فاضل والآخر عابد زاهد، فولد له الصدوق محمد بن علي، مدفون في الري في جنوب طهران عند الشاه عبد العظيم، وقد انكشف قبره فبان غضاً طرياً والحناء في لحيته كأنه قد صبغ لساعته[3].

البقية علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق، شيخ الصدوق وقد ترضى عليه، محمد بن أحمد السناني من مشايخ الصدوق واكثر عنه الصدوق وترحم عليهم، هناك مبنى عند صاحب المستدرك، رواية الثقة عن شخص أمارة الوثاقة، ونحن لا نبني عليه مجرد رواية الثقة عن شخص لا يدل على الوثاقة، لكن إكثار الجليل ليس إكثار الثقة إكثار الجليل عن شخص أمارة على الوثاقة عندنا هذا مبنانا الرجالي.

الصدوق أكثر من الرواية عن السناني، وأكثر من الرواية عن الدقاق، فيمكن توثيقهما بترضي الصدوق، ويمكن توثيقهما بإكثار الرواية، الصدوق ترضى على الدقاق وترحم على السناني.

الثالث علي بن عبد الله الوراق من مشايخ الصدوق، وترحم عليه، ترحم عليه أيضاً.

الرابع الحسين بن إبراهيم بن أحمد بن هشام المكتب، هو المؤدب المكتب، روى عنه الصدوق وقد ترضى عليه.

هنا الترضي أو الإكثار من الترحم إن لم يفد التوثيق لا أقل يفيد المدح وحسن الحال.

حدثنا محمد بن علي بن عبد الله الكوفي، هو محمد بن عبد الله بن نجيح الكوفي المعروف بالشيخ، ذكره العلامة الحلي في كتابه[4]، وأبو الحسين الأسدي هو محمد بن جعفر الأسدي الكوفي ووثاقته محققة، قال فيه النجاشي[5]: «ثقة صحيح الحديث».

قالوا حدثنا محمد بن إسماعيل، وأبو الحسين الكوفي أي عن هؤلاء مجموعة، حدثنا محمد بن إسماعيل المكي البرمكي، قال النجاشي: «كان ثقة مستقيماً له كتب»[6].

قال حدثنا محمد بن عبد الله النخعي، هذا راوي الحديث الأصلي، وقد ورد في أسانيد الكافي، وفي مشايخ علي بن إبراهيم القمي، عموماً قال قلت لعلي بن محمد الهادي عليه السلام.

يراجع تفاصيل السند في الأنوار اللامعة وفي شرح الزيارة الجامعة، والكتب المطولة والمفصلة، هذا تمام الكلام في سند ومتن الزيارة الجامعة بشكل إجمالي، تفصيل الشرح يأتي عليه الكلام، وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين

 

[1]  ص 16.

[2] ص 17 إلى 19.

[3]  عيون أخبار الرضا، ج 2، ص 277.

[4]  الخلاصة، ص 156، الرقم 108، وذكره في القسم الأول، رجال العلامة الحلي، الذين يعتمد على روايتهم.

[5]  ص 264.

[6]  رجال النجاشي، ص 241.

00:00

12

2024
| أكتوبر
جلسات أخرى من هذه الدورة 1 الجلسة

12

أكتوبر | 2024
  • الكتاب: شرح الزيارة الجامعة الكبيرة
  • الجزء

    01

  • -

    الصفحة
جلسات أخرى من هذه الدورة
1 الجلسة