بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدالله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين

اللهم كن لوليك الحجة بن الحسن صلواتك عليه وعلى آبائه في هذه الساعة وفي كل ساعة وليًا وحافظًا وقائدًا وناصرًا ودليًلا وعينًا حتى تسكنه أرضك طوعًا وتمتعه فيها طويلًا برحمتك يا أرحم الراحمين.

 التفصيل في توثيقات المتأخرين

يمكن تقسيم المتأخرين بعد الشيخ الطوسي والنجاشي إلى ثلاثة أقسام:

القسم الأول توثيقاتهم يمكن إثبات الحسية لها والقول بحجيتها لكن لا جدوى من لأن توثيقاتهم إنما هي إما للمعاصرين لهم وهذا لا يفيدنا أو للرواة الذين وثقهم أو ضعفهم الشيخ الطوسي والنجاشي فلا توجد ثمرة عملية لقبول توثيقات المتأخرين من القسم الأول.

وأما القسم الثاني والقسم الثالث فتوجد ثمرة لإثبات الحجية لتوثيقاتهما، ولكن لا يمكن إثبات الحجية لتوثيقات المتأخرين من القسم الثاني والقسم الثالث نظر لابتنائها على الحدس ولا أقل من الشك فلا تجري في حق القسم الثاني والثالث من توثيقات المتأخرين أصالة الحس العقلائية، فتكون النتيجة عدم حجية توثيقات المتأخرين إما لعدم جدواها كما في القسم الأول وإما لعدم حجيتها كما في القسم الثاني والثالث من توثيقات المتأخرين.

وأما تفصيل الكلام في توثيقات المتأخرين فيمكن تقسيمهم إلى ثلاثة أقسام رئيسية بلحاظ الفترة الزمنية لكل قسم منهم.

القسم الأول يتمثل في الشيخ منتجب الدين المولود سنة خمسمائة وأربعة هجرية، وقد اختلف في تأريخ وفاته وقد صنف كتاب فهرست أسماء علماء الشيعة ومصنفيهم ممن عاصر الشيخ الطوسي أو تأخر عن زمانه[1].

الشخص الثاني في القسم الأول الشيخ محمد بن علي بن شهر آشوب المازندراني المتوفى سنة خمسمائة وثمانية وثمانين هجرية قمرية، صاحب كتاب مناقب آل أبي طالب هذا الكتاب معروف ومشهور، وقد صنف في الرجال كتاب معالم العلماء في فهرست كتب الشيعة وأسماء المصنفين منهم قديماً وحديثاً، وذكر بن شهر آشوب في هذا الكتاب المختصر زوائد وفوائد على فهرست الشيخ الطوسي، فيمكن اعتبار معالم العلماء لابن شهر آشوب أنه بمثابة تتمة وتكملة لفهرست الشيخ الطوسي[2].

هذان الكتابان صغيران لكن حقق مؤخراً معالم العلماء حققته مؤسسة آل البيت لإحياء التراث في مجلدين ضخمين وأصل الكتاب هو كتيب صغير فهذه التوسعة للتراجم.

سؤال: لماذا هذين العلمين منتجب الدين وابن شهر آشوب في قسمٍ برأسه؟

الجواب: السر في ذلك: هو عدم وجود فاصل طويل بينهما وبين المتقدمين، فالمتقدمون هم الكليني والصدوق والمفيد والمرتضى وخاتمتهم الشيخ الطوسي المتوفى سنة أربعمائة وستين هجرية، ولا يوجد فارق طويل بين أربعمائة وستين هجرية سنة وفاة الشيخ الطوسي وخمسمائة وثمانية وثمانين هجرية سنة وفاة ابن شهر آشوب.

والفارق بين وفاة الشيخ الطوسي أربعمائة وستين هجرية وولادة الشيخ منتجب الدين خمسمائة وأربعة أربعة وأربعين سنة فلا يوجد فارق طويل، وبالتالي هذا القسم الأول تشمله النكات التي أوجبت حمل توثيق الشيخ الطوسي والنجاشي على الحسية.

نعم يوجد تفاوت بينهما خصوصا وأن الكثير من الكتب قد تلف كما حصل عام أربعمائة وتسعة  وأربعين هجرية سنة إتلاف مكتبة سابور بن آرد شير وزير الدولة البويهية، لكن بعض الكتب قد بقيت ولعلهم قد حصلوا على الكثير من هذه الكتب ولا أقل من أن بعض المصنفات أو بعض النكات قد بقيت.

فنظراً لقرب عصرهما من عصر الشيخ الطوسي والنجاشي فإنه لو شككنا في توثيقاتهما فإنه يمكن إجراء أصالة الحس العقلائي.

لكن البحث في القسم الأول لا ثمرة فيه، والسر في ذلك:

أما بالنسبة إلى كتاب الشيخ منتجب الدين فهو لم يتعرض في كتابه إلا للمعاصرين للشيخ الطوسي ومن تأخر عنه على ما صرح هو في مقدمة كتابه، وهذا ظاهر لكل من يتتبع كتاب وفهرست الشيخ منتجب الدين فالموثقون إما معاصرون للشيخ الطوسي أو قريبون من عصره، وهم من الفضلاء والأعلام الذين لا يتطرق الطعن إلى أحد منهم كما صرح الشهيد الثاني في درايته، لكن لا يخفى أن هؤلاء الأعلام غير واقعين في أسنانيد الروايات الشريفة عن أهل البيت _{عليهم السلام} نعم ربما نجد عدداً منهم قد ذكروا في الإجازات لكي يتحقق اتصال السلسلة في إجازات الروايات.

إذاً لا توجد ثمرة من توثيقات الشيخ منتجب الدين بالنسبة إلى أسناد الروايات، وإن أمكن تحصيل الثمرة بالنسبة إلى إسناد إجازات الكتب.

وأما الثاني وهو ابن شهر آشوب فإنه وإن تعرض في معالم العلماء إلى كثير من المتقدمين على الشيخ الطوسي ووثق قرابة خمسين منهم وضعف خمسة منهم، تفصيل التوثيق والتضعيف يمكن أن يرجع إلى رقم الترجمة المذكور في كتاب شيخنا الأستاذ تنقيح المباني الرجالية الشيخ حسان سويدان، الجزء الأول، صفحة ثمانين، الحاشية رقم واحد.

لكن البحث في ثمرة هذه التوثيقات لأن الذين وثقهم أو ضعفهم كلهم مذكورون في كتاب النجاشي والشيخ الطوسي وربما كانوا مذكورين في كتاب الكشي، ومن المطمئن به أنه قد أخذ هذه التوثيقات والتضعيفات من كتاب الشيخ الطوسي والنجاشي فلا حاجة إلى معالم العلماء بعد أن وصل إلينا فهرست الشيخ الطوسي والنجاشي.

وإذا قرأنا معالم لابن آشوب نجد من الملفت أن أكثر الذين وثقهم قد نقل في توثيقهم نصّ عبارة الشيخ الطوسي تقريباً مع أنه كان في مقام الاستدراك على الشيخ الطوسي ولم يخرج عن كلام الشيخ الطوسي سوى في ترجمة واحدة وهي ترجمة أيوب بن الحسين الذي وثقه ولم نجد ذلك في شيء من الكتب المتقدمة عليه.

ولكن لا توجد ثمرة بالنسبة إلى أيوب بن الحسين لعدم وقوعه في أسانيد الروايات، بل من المحتمل كون أيوب بن الحسين تصحيفاً عن أيوب بن الحر الذي ذكره الشيخ الطوسي بعد أيوب بن الحر، والقرينة على ذلك تبعية ابن شهر آشوب للشيخ الطوسي في الأسماء وترتيب الأبواب، يراجع الفهرست للشيخ محمد بن الحسن الطوسي، صفحة ثلاثة وأربعين، رقم الترجمة ستين.

خلاصة القسم الأول: أنه يمكن إثبات الحسية والحجية لتوثيقات ابن شهر آشوب في معالم العلماء والشيخ منتجب الدين في فهرسته، لكن لا جدوى ولا فائدة من هذه التوثيقات نظراً لأن الشيخ منتج بالدين وثق المتأخرين عن الشيخ الطوسي الذين لم يذكروا في أسانيد الروايات، والشيخ ابن شهر آشوب وثق المتقدمين لكنه نقلها من فهرست الشيخ الطوسي فلا توجد ثمرة في الاعتماد على هذين الكتابين.

إذا القسم الأول من توثيقات متأخرين لا ثمرة له ولا جدوى.

القسم الثاني يبدأ بالسيد جمال الدين السيد أحمد بن طاووس الحسني المتوفى سنة ستمائة وثلاثة وسبعين هجرية قمرية وهو أخ السيدة رضا الدين بن طاووس صاحب كتاب الإقبال، السيد رضي الدين معروف في الزهد والذكر والعرفان والأدعية والزيارات، والسيد جمال الدين معروف في الرجال، وله وتلميذان مشهوران: الأول هو العلامة الحلي المتوفى سنة سبعمائة وستة وعشرين، والثاني هو ابن داوود الحلي المولود سنة ستمائة وسبعة وأربعين هجرية ولم يعلم تاريخ وفاته، وهؤلاء الثلاثة سندرس كل واحد منهم بشكل مستقل نظراً لدورهما الكبير في علم الرجال إذ أن علم الرجال مر بفتور بعد القسم الأول إلى أن جاء الرجالات الثلاثة للقسم الثاني، وأول من كتب منهم هو السيد جمال الدين بن طاووس إذ ألف كتاب حل الإشكال في معرفة الرجال، وجمع فيه الأصول الرجالية الخمسة كما صرحه هو _{رحمه الله} في مقدمة كتابه التي نقلها عنه صاحب المعالم، يراجع التحرير الطاووسي، للشيخ حسن بن زين الدين العاملي، صفحة أربعة.

وكتاب حل الإشكال حل الإشكال هو عبارة عن جمع لنص الأصول الخمسة، وهي: فهرست النجاشي ورجال الشيخ الطوسي وفهرست الشيخ الطوسي ورجال الكشي هذه الأصول الأربعة وأضاف إليها رجال الغضائري، ثم هذا الكتاب ضاع وتلفت بعض نسخه، وعثر الشيخ حسن صاحب المعالم على نسخة مخرقة فحرر منها خصوص رجال الغضائري واسماه بالتحرير الطاووسي، وهو مطبوع طبعته مكتبة السيد المرعشي النجفي _{رحمه الله}.

والسر في اختيار رجال ابن الغضائري أن الشيخ حسن صاحب المعالم لم يجد زيادات على رجال النجاشي أو الشيخ الطوسي أو الكشي في حل الإشكال بينما كتاب ابن الغضائري كان مفقوداً فحرر خصوص كتاب الغضائر أو ابن الغضائر كما سيأتي إن شاء الله في البحث أنه للأب أو للابن.

فيظهر أن كتاب حل الإشكال لم يكن مشتملاً على كتب رجالية غير هذه الأصول الخمس حتى أن صاحب المعالم الذي كان عنده الكتاب بخط المؤلف السيد جمال الدين بن طاووس، وكان هذا الكتاب أشرف على الهلاك صرح بأن ما فيه موجود في هذه الأصول فلا يستحق الإفراد والاستنساخ، وإن ما يستحق هو خصوص الاختيار من رجال النجاشي أستغفر الله أنا اشتبهت من رجال النجاشي وليس لابن الغضائري، الذي درس السيد متونه وأسانيده.

يعني هناك تعمق في رجال النجاشي فالتحرير الطاووسي ناظر إلى رجال النجاشي وليس إلى كتاب الضعفاء لابن الغضائر يعني اشتبه هذا سيأتي إن شاء الله بالنسبة إلى رجال القهبائي مجمع الرجال للقهبائي سيأتي إن شاء الله أن الشيخ عبد الله التستري أخذ كتاب الضعفاء وهم خرجوا عليه التفرشي في نقد الرجال.

وشهادة الشيخ حسن صاحب المعالم شهادة الحس والكتاب عنده بخط المؤلف السيد جمال الدين والشيخ حسن أهمل كتاب الرجال لابن الغضائري مع أنه غير موجود في غير كتاب حل الإشكال يعني من مميزات حل الإشكال هو رجال ابن الغظائري، فلما حرر الشيخ حسن صاحب المعالم في التحرير الطاووسي خصوص رجال النجاشي وأهمل كتاب ابن الغضائري.

ولعل السر في ذلك هو عدم الاعتماد على كتاب ابن الغضائري، والسر في ذلك أن نفس السيد ابن طاووس صرح في مقدمة كتابه حل الإشكال، أنه ليس لديه طريق إلى كتاب ابن الغضائر، بل وجده وجداه وضمنه كتابه، وهذا يسلب منه الوثوق بخلاف رجال النجاشي بل إن السيد ابن طاوس قام بددراسة على متن رجال النجاشي وأسانيده، فالبحث عن توثيقات وتضعيفات ابن طاووس لا يكون مثمراً مع وصول مصادره إلينا.

إذا أول رجالي من رجالات القسم الثاني هو السيد ابن طاووس وتوثيقاته لا ثمرة فيها.

أولاً الكتاب لم يصل إلينا، وما وصل إلينا هو التحرير الطاووسي لصاحب المعالم وهو عبارة عن تهذيب لدراسة السيد ابن طاووس على رجال النجاشي ورجال النجاشي موجود بين أيدينا، فلا ثمرة من بحث توثيقات للسيد جمال الدين ابن طاووس _{رحمه الله}.

عندنا ثلاثة ابن طاووس ولقبوا بابن طاووس لجدهم الطاووس الذي كانت رجله تشبه الطاووس.

عموماً عندنا السيد جمال الدين السيد أحمد هذا معروف بالرجال أستاذ العلامة الحلي ومنه أخذ العلامة الحلي تقسيم الحديث إلى أربعة أقسام: صحيح وموثق وضعيف، والثاني هو السيد رضي الدين هو الأخ الأكبر وهو المعروف في الأدعية والزيارة، والثالث من أبناء عمومتهم هو السيد عبد الكريم بن طاووس صاحب كتاب فرحة الغري في إثبات قبر علي أنه دفن في النجف الأشرف.

الشخص الثاني العلامة الحلي هذا البحث فيه طويل ومهم، والشخص الثالث ابن داوود الحلي أكثر الكلام في العلامة الحلي، يأتي عليه الكلام وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين