بحوث في علم الرجال
شیخ الدقاق

49 - وثاقة جميع مشايخ النجاشي المباشرين

بحوث في علم الرجال

  • الكتاب: بحوث في علم الرجال
  • الجزء

    -

  • الصفحة  

    -

21

2025 | يناير

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدالله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين

اللهم كن لوليك الحجة بن الحسن صلواتك عليه وعلى آبائه في هذه الساعة وفي كل ساعة وليًا وحافظًا وقائدًا وناصرًا ودليًلا وعينًا حتى تسكنه أرضك طوعًا وتمتعه فيها طويلًا برحمتك يا أرحم الراحمين.

وثاقة جميع مشايخ النجاشي المباشرين

التوثيق الخامس وثاقة جميع مشايخ النجاشي المباشرين، والبحث في النقاط:

النقطة الأولى نبذة من ترجمة النجاشي.

النجاشي هو مؤلف كتاب "فهرست أسماء مصنفي الشيعة" والمعروف حالياً برجال النجاشي، وقد صرح النجاشي في مقدمة الجزء الثاني من كتابه بأن اسم كتابه "فهرست أسماء مصنفي الشيعة".

والمؤلف هو الشيخ الجليل والمحقق النبيل أحد أهم أعلام أئمة الجرح والتعديل عند الشيعة الإمامية، والكنية المعروفة له هي أبو العباس، وهكذا ترجم لنفسه في الرجال قائلًا: "أحمد بن علي بن أحمد بن العباس بن محمد بن عبد الله بن إبراهيم بن محمد بن عبد الله النجاشي، الذي ولي الأهواز وكتب إلى أبي عبد الله الصادق عليه السلام يسأله. وفي نسخة يسائله، وكتب إليه رسالة عبد الله بن النجاشي المعروفة، ولم ير لأبي عبد الله مصنف غيره".

يمكن مراجعة رجال النجاشي صفحة 101 رقم الترجمة 253.

إذن هو أحد أحفاد عبد الله النجاشي الذي كان والياً على الأهواز، وأرسل رسالة إلى الإمام الصادق يطلب النصيحة، وكتب له الإمام الصادق رسالة خاصة ومعروفة، وما ذكره الشيخ الأنصاري في المكاسب المحرمة.

هكذا سمى المصنف نفسه ونسبه إلى آبائه وهو خير عالم بذلك.

وقال العلامة الحلي في خلاصة الأقوال في معرفة الرجال بعد نقله في نسب النجاشي ما نصه: "وكان أحمد يكنى أبا العباس رحمه الله، ثقة معتمدًا عليه عندي، له كتاب الرجال، نقلنا منه في كتابنا هذا، وغيره أشياء كثيرة وله كتب أخرى ذكرناها في الكتاب الكبير.

وتوفي أبو العباس أحمد بمطير آباد في جماد الأولى سنة خمسين وأربعمائة، وكان مولده في صفر سنة اثنتين وسبعين وثلاثمائة".

خلاصة الأقوال، العلامة الحلي، صفحة اثنين وسبعين، رقم الترجمة مائة وثمانية عشر، وقريب منه ما ذكره ابن داود الحلي في رجاله.

إذن النجاشي مات قبل الشيخ الطوسي بعشر سنوات، وسنة وفاة الشيخ الطوسي أربعمائة وستين، وسنة وفاة النجاشي أربعمائة وخمسين هجرية قمرية.

وقد نقل العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي في "بحار الأنوار"، في كتاب المزار، من كتاب "قبس المصباح" للشيخ الأفضل أبي الحسن سليمان بن الحسن الصهرشتي، تلميذ السيد المرتضى والشيخ الطوسي رحمهم الله أنه قال: "أخبرنا الشيخ الصدوق أبو الحسين أحمد بن علي بن أحمد النجاشي الصيرفي المعروف بابن الكوفي ببغداد، وكان شيخًا بهيّان صادق اللسان عند المخالف والمؤالف".

بحار الأنوار، جزء واحد وتسعين، صفحة اثنين وثلاثين.

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل للمحدث النوري، الجزء الثالث، صفحة مئة وسبعة وأربعين.

ويلحظ أنه كان النجاشي "باب الحسن" مع أن الكنية المعروفة هي أبو العباس، ولا شك أن هذا الشيخ الجليل الصهرشتي الذي هو تلميذ المرتضى والطوسي معاصر للشيخ النجاشي، ومن القريب جداً أنه يشير إليه، فإنه لا توجد شخصية في نفس طبقته تشبه ترجمته في الأسماء والنسب غير النجاشي المعروف، خصوصاً أن الشيخ الصهرشتي يشير وهو في دار العلم ببغداد آنذاك، كانت بغداد عاصمة العلم في ذلك الوقت، وأشار إلى أن هذا الشيخ كان معروفًا عند المؤالف والمخالف بالصدق والفضيلة، فمن البعيد أن يكون قد أشار إلى شخص غيره.

ويظهر أنه كان معروفًا باسم "ابن الحسين" و"ابن الكوفي".

قال السيد مهدي بحر العلوم رحمه الله ما نصه: "أحمد بن علي النجاشي أحد المشايخ الثقات والعدول الإثبات، من أعظم أركان الجرح والتعديل، وأعلى علماء هذا السبيل، أجمع علماؤنا على الاعتماد عليه، وأطبقوا على الاستناد في أحوال الرجال إليه".

فوائد الرجالية، السيد محمد مهدي بحر العلوم، الجزء الثاني، صفحة خمسة وثلاثين.

رحم الله السيد محمد مهدي بحر العلوم. قيل له: ماذا تقول في هذه الرواية: "من ادعى الرؤية فكذبوا"؟ فقال: "ماذا أقول وقد شعرت بدفء عن عرقه الشريف"، أي إنه عانق الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف وعرف أنه المهدي. من هنا جاء من ادعى: "من ادعى الرؤية فكذبوا"، يعني من ادعى الرؤية وادعى تبليغ شيئين: أن الإمام قال غيروا هذا الحكم أو يقول لكم الإمام كذا، فتكذبوا بهذا، وليس مجرد الرؤية والمشاهدة تستلزم التكذيب، فما أكثر من رأوا الإمام ولم يعرفوه، ولم يلتفتوا إلا بعد أن انصرف، وتحقيق ذلك في محل آخر بحثنا رجالي.

ومن أراد أن يقرأ ترجمة النجاشي فلينظر إلى كلمات المحققين والعلماء في الإطراء على هذا الشيخ والإشادة بمنزلته، فالكتب والأسماء طافحة بجلّي ذكره ونبيل أمره.

ومن أراد الاطلاع على شخصيته فعليه بمراجعة المطولات ممن ترجم له مطولاً، السيد محمد مهدي بحر العلوم في رجاله، الجزء الثاني، صفحة ثلاثة وعشرين، والمحدث الميرزا حسين النوري في خاتمة المستدرك، الجزء الثالث، صفحة مئة وستة وأربعين.

عموماً، أبرَزُ رجالي وأدَقُّ رجالي هو النجاشي حتى الآن المشهور بينهم، إذا حصل تعارض بين النجاشي والشيخ الطوسي، وهو الشيخ الطائفة، يقدم النجاشي.

والسرّ في ذلك: أن الشيخ الطوسي موسوعي في الرجال والحق والأصول والكلام والتفسير، والشيخ الطائفة هو كتب في جميع هذه الفروع. واقعاً، الشيخ الطوسي غريب عندي في كل باب، كتب في بابه: في علم الكلام كتب "تلخيص الشافي"، في الإمام المهدي كتب "الغيبة"، في الفقه الفتوائي كتب "النهاية"، في الفقه التفريعي كتب "المسبوط"، في الفقه الاستدلالي والروائي كتب "تهذيب الأحكام" في شرح المقنعة، في الجمع بين الروايات المختلفة كتب "الاستبصار فيما اختلف من الأخبار"، في طبقات الرجال كتب "الرجال"، في الكتب والمصنفات والفهرستات كتب "الفهرست"، في الرجال الروائي كتب "اختيار معرفة الرجال الناقلين عن الأئمة الصادقين توثيق والتضعيف بالرواية"، في التفسير كتب "التبيان"، وتفسير "مجمع البيان للطبرسي" هو تهذيب وتلخيص لتفسير "التبيان" للشيخ الطوسي، وفي الأصول كتب "العدة في الأصول"، وكتب "الأمالي" في الروايات.

يا أخي، يا أخي، كل كتاب كتب الشيخ الطوسي هو كتاب أساسي في الفقه والأصول والرجال والتفسير والكلام، فاستحق بحق أن يقال فيه شيخ الطائفة.

ولا بأس، ما دام أننا خرجنا قليلاً:

كانت هناك مدرستان:

المدرسة الأولى هي مدرسة قم والري وهي مدرسة المحدثين، ومن أبرز أعلامها الصدوق الأب والصدوق الابن: محمد بن علي بن الحسين ابن بابويه الصدوق، وثقة الإسلام الكليني إلى آخر، مع أن الكليني كان في بغداد في آخر عمره، هذه مدرسة المحدثين.

المدرسة الثانية هي مدرسة بغداد، ورائدها الشيخ المفيد محمد بن محمد بن النعمان، تميزت مدرسة بغداد بالاتجاه العقلي، حيث كان المعتزلة نشطين في بغداد، بينما اتسمت مدرسة قم بالاتجاه النقلي والحديث.

والذي وازن بين المدرستين هو شيخ الطائفة الطوسي، رضوان الله عليه، الذي ألف وصنف، وصارت كتبه هي المعتمدة، كان شيخ الطوسي موسوعيًا، لكن النجاشي كان متخصصًا في الرجال والأنساب، فهو عربي كوفي، والشيخ النجاشي والشيخ الطوسي من طوس. سافر وعمره ثمان عشرة سنة، خرج من طوس مشهد إلى بغداد.

فالشيخ النجاشي أعلم بالقبائل العربية وبأنساب العرب ومتخصص في الرجال، والمشهور أنه إذا تعارض كلام النجاشي وكلام الشيخ الطوسي، يقدم ماذا؟ كلام النجاشي، لكن التحقيق لابد من النظر إلى كلا الكلامين، فإن أمكن الجمع بينهما وإلا فيقدم من رجحته القرينة.

النقطة الثانية: نسخ الكتاب وأسانيده.

لا شك ولا ريب أن النجاشي وكتابه قد اكتسب شهرة واسعة منذ تأليفه، فلا نجد فقيه من فقهاء المذهب، أراجع إليهما وأعتمد عليهما، وهذا الأمر واضح للعيان ولا يحتاج إلى بيان. والنتيجة تكون كثرة نسخ كتاب الفهرست للنجاشي، وكثرة مدارسته، وتصحيح هذه النسخ، وكثرة الإجازات.

فإذا راجعت كتب الإجازات لعلمائنا مثل مجلدات الإجازات في آخر "بحار الأنوار" للعلامة المجلسي، تجد الكثير من الإجازات تتطرق إلى فهرست النجاشي فيما أجازوه من الكتب، وقد وصلت إلينا نسخ كثيرة من "رجال النجاشي".

إذاً، الأسانيد موجودة، لكننا لا نحتاج إلى النظر إلى الأسانيد، لأن كتاب النجاشي وصلنا كابر عن كابر، بحيث علم استناد هذه النسخة إلى مؤلفها، حتى أن المرجع الكبير سماحة آية الله العظمى السيد موسى الشبيري الزنجاني حفظه الله قد حقق "رجال النجاشي" وقابله مع نسخ كثيرة تصل إلى أربعة عشر نسخة خطية مصححة في غالبها ومعتمد عليها، وقد نص على ذلك في مقدمة كتابه، صفحة اثنين، وقد طبعته جماعة المدرسين بقم.

وهذا إن دل على شيء فإنه يدل على الاهتمام والعناية بكتاب النجاشي.

وإذا أردنا وصفاً مختصراً لمضمون كتاب النجاشي، فإن خير من يعبر عنه مؤلفه، حيث قال: "أما بعد، فإني وقفت على ما ذكره السيد الشريف أطال الله بقاءه وأدام توفيقه، من تعيير قوم من مخالفين أنه لا سلف لكم ولا مصنف، وهذا قول من لا علم له بالناس، ولا وقف على أخبارهم، ولا عرف منازلهم وتاريخ أخبار أهل العلم، ولا لقي أحداً فيعرفه منه، ولا حج علينا لمن لم يعلم ولا عرف.

وقد جمعت من ذلك ما استطعته، ولم أبلغ غايته لعدم أكثر الكتب، وإنما ذكرت ذلك عذراً إلى من وقع إليه كتاب لم أذكره، وقد جعلت للأسماء أبواباً على الحروف ليهون على الملنمس اسم مخصوص منها، ها أنا أذكر المتقدمين في التصنيف من سلفنا الصالح، وهي أسماء قليلة، ومن الله استمد المعونة على أن لأصحابنا رحمهم الله في بعض هذا الفن كتباً ليست مستغرقة لجميع رسمه، وأرجو أن يأتي في ذلك على معروض مواحد إن شاء الله تعالى.

ذكرت لرجل طريقة واحدة حتى لا تكثر الطرق فيخرج عن الغرض. في فهرست أسماء مصنف الشيعة، شيخ أحمد بن علي النجاشي".

جزاك الله عنا خيراً. أذكر أنني في سنة 2010، ذهبت إلى لندن للتبليغ في شهر محرم، وفي يوم الأحد، ونحن خارجون من مجلس التعزية، قال لي: "نحن أصحابنا اليوم يوم الأحد، فنذهب إلى هايد بارك"، هي منتزه وحديقة في قلب لندن، وهي منتزه حر فكل من يأتي هناك يتكلم بما يشاء. قلت له: "أنا الآن لابس العمامة." قال: "لا بأس، نذهب إلى هناك حرية". فذهبنا إلى هايد بارك. أول ما دخلت، رأيت رجلاً يلبس علم إسرائيل ويمجد بدولة الاحتلال والكيان الصهيوني، فأعرضت عنه، ومشيت بضع خطوات، ورأيت رجلاً يلبس علم حزب الله لبنان. قلت: "هذا صاحبنا"، فقلت: "قف ولو دعماً له". فوقفت.

وما أن رآني جمع من أهل السنة المتعصبين بإمامتي الشيعية، فجاءوا وطوقوني وأصبحوا كالدائرة حولي، وأنا كالفرجار بينهم، وشرعوا في أسئلة عقائدية، والغرض الجدل.

كان هناك شخص فلبيني دارس الحلقة الثالثة في الأصول وأخذ يدافع عن هذا الفلبيني، وهم بين صوماليين وجزائريين ومن مختلف البلدان.

فقال الصومالي: "أنتم الشيعة، ماذا عندكم من روايات؟ وماذا عندكم من رجال؟ لا شيء عندكم".

فقال له الجزائري، وكان مثقفاً: "اسكت، الشيعة عندهم الكتب الأربعة في الحديث، وعندهم معجم رجال الحديث للسيد الخوئي، كيف تقول ليس لهم روايات وليس لهم رجال؟!"

فقلت له: "أهلاً، نصركم الله ونصرنا جميعاً وأعز أمة الإسلام".

هذا تمام الكلام في النقطة الثانية.

النقطة الثالثة، وهي لب البحث: كيف نثبت أن جميع مشايخ النجاشي هم مباشرين ثقات؟

يأتي عليها الكلام، وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين

00:00

21

2025
| يناير
جلسات أخرى من هذه الدورة 49 الجلسة

21

يناير | 2025
  • الكتاب: بحوث في علم الرجال
  • الجزء

    -

  • -

    الصفحة
جلسات أخرى من هذه الدورة
49 الجلسة